فسكنت الياء لاتصال تاء المتكلم هاء فاجتمع ساكنان الألف والياء فسقطت الألف لاجتماع الساكنين.
ومعنى قوله : " جاء على حاي مثل باع وفاعله حاءي مثل بائع مهموز" إن استحيت إنما جاء على حاءي المعتل ولو بنينا منه فاعل لوجب همز موضع العين منه لأنه يقال بائع وقائل ولا يستعمل حاءي الذي جاء على استحيت كما يستعمل يذر ويدع على أن ماضيهما وذر وودع ولا يستعمل وذر ولا ودع والمستعمل حاي غير مهموز ، لأن عين الفعل من حيث صحيحة فإذا صحت الياء في الفعل لم تنقلب همزة في اسم الفاعل والقول الثاني إن استحيت أصله استحييت فاستثقلوا اجتماع ياءين فألقوا الأولى منهما تخفيفا وألقوا حركتها على الحاء وألزموها هذا الحذف تخفيفا في لغة بني تميم كما ألزمت العرب يرى وأرى ونرى وترى تخفيف الهمزة وإلقاء حركتها على الراء والأصل يرأى وممن ذهب إلى هذا القول أيضا أبو عثمان المازني ، قال أبو عثمان المازني : ولا تحذف لالتقاء الساكنين ولو كان حذفها له لردت إذا قلت هو يفعل فقلت يستحي.
يعني أبو عثمان إن استحيت لو كان جاء على اعتلال العين كاستبعت وجب أن تقول في المستقبل يستحي مثل يستبيع.
فقال المحتج عن الخليل : حذفوا الياء لالتقاء الساكنين في الماضي كما فعل باستبعت ولم يردوها في المستقبل لأنهم لو ردوها لقالوا يستحيي فرفعوا ما لا يرتفع مثله وذلك لأن الأفعال المضارعة إذا كان آخرها ياء لم يدخلها الرفع في شيء من الكلام والذي يوجبه قول الخليل في يستحي أن أصله يستحي فاعلوا الياء الأولى كما أعلوا ياء يستبيع ثم اسكنوا الياء الثانية ؛ لأنهم يسكنونها في موضع الرفع فاجتمع ساكنان فحذفوا الأولى منها وأما استحيى على هذه اللغة فكان حكمة أن يقال استحاي ولم يوجد في شيء من الأفعال ياء متحركة وقبلها ساكن فسكنوها فاجتمع ساكنان فحذفوا الأولى منهما وقلبوا هذه الياء ألفا لانفتاح ما قبلها.
قال المازني : ومما يقوي أن حذف الياء في استحيت ليس لالتقاء الساكنين قولهم في الاثنين استحيالات اللام لا ضمة فيها ولكن هذا حذف لكثرة الاستعمال كما قالوا في أشياء كثيرة بالحذف مثل أحست وظلت ومست.
يعني أن عين الفعل وإن كانت معتلة لا تسقط من فعل الاثنين الغائبين كقولنا