فيقول : هذا خالد ومررت بخالد ، فإذا وصل أو نصب المنصرف ذهب التشديد ، فيقول : هذا خالد يا فتى ومررت بخالد يا فتى ، ورأيت خالدا ، لأنه قد تحركت الدال ، وإنما جعلت هذه العلامات من الإشمام والتشديد للفرق بين ما يكون مبنيا على السكون في كل حال وبين ما تحرك في الوصل ، فإذا شددوا ووقفوا على الحرف مشددا فالحرف المشدد حرفان ، وإذا وقفوا عليه اجتمع ساكنان ، فيعلم أنه لا بد من التحريك في الوصل ، فإذا وصلوا أو تحرك المنصوب باتصال الألف المبدلة من التنوين به استغنوا عن التشديد.
وبعض النحويين لا يعرف الإشمام الذي ذكره سيبويه ، ولا يفرق بين الإشمام والروم.
قال سيبويه : " ولهذا علامات ، فللإشمام نقطة وللذي أجرى مجرى الجزم والإسكان الخاء ، ولروم الحركة خط بين يدي الحرف ، وللتضعيف الشين فالإشمام قولك : هذا خالد ، وهذا فرج ، وهذا يجعل وأما الذي أجري مجرى الإسكان والجزم فقولك : مخلد وخالد ويجعل. وأما الذين راموا الحركة فهم الذين قالوا : عمر ، وهذا أحمد ، كأنه يريد أن يرفع لسانه. حدثنا بذلك عن العرب الخليل وأبو الخطاب ، وحدثنا الخليل أيضا بغير الإشمام وإجراء الساكن ، وأما التضعيف فقولك : هذا خالد وهو يجعل وهذا فرج حدثنا بذلك الخليل عن العرب".
قال أبو سعيد : أما جعله الخاء لما أجري مجرى الجزم والإسكان فلأن الخاء أول قولك .. خفيف ، فدل به على السكون لأنه تخفيف.
وأما جعله لتضعيف الشين فلأن الشين أول حرف في شديد ، فدل به عليه ، لأن الحرف مشدد ، وأما النقطة للإشمام ، فلأنّ الإشمام أضعف من الروم فجعل للإشمام نقطة وللروم خطا ، لأن النقطة أنقص من الخط.
قال : " ومن ثم قالت العرب في الشعر في القوافي : سبسبا تريد السبسب وعيهل تريد العيهل ، لأن التضعيف لما كان في كلامهم في الوقف اتبعوه الياء في الوصل والواو على ذلك كما يلحقون الياء والواو في القوافي فيما لا تدخله ياء ولا واو في الكلام ، وأجروا الألف مجراهما لأنهما شريكتاها في القوافي وتمد بها في غير موضع التنوين ويلحقونها في غير التنوين ، فألحقوها بهما فيما ينون في الكلام ، وجعلوا سبسب كأنه مما لا يلحقه الألف في النصب إذا وقفت.
قال الشاعر وهو رجل من بني أسد :