وتصديق الإدغام قوله : (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) ويذكّرون.
قال : أبو سعيد ـ رحمهالله ـ : اعلم أن تفعل وتفاعل يتفاعل إذا كان فاء الفعل منه حرفا تدغم في التاء جاز إدغامه وإظهاره والحروف التي تدغم فيها التاء اثنا عشر حرفا : التاء نفسها ، والطاء والدال ، والظاء ، والذال ، والثاء ، والصاد ، والزاي ، والسين ، والضاد ، والشين ، والجيم ؛ فإذا كان شيء من هذه الحروف بعد التاء ، وكان الفعل مستقبلا ، وآثرت الإدغام أدغمت التاء فيما بعده وقلبته إليه كقولك : في يتسمع ويتطير ويتشرب ويجبر يسمع ويذكر ويطير كما قال الله عزوجل (يَذْكُرُونَ) و (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) وفي يتفاعل نحو : يتطارق ويتدارك ويتساقط ، وما أشبه ذلك يطارق ويدّارك ويسّاقط.
وإذا كان في الماضي وآثروا إدغامه احتاجوا إلى تسكين التاء وإدغامه ، وإذا سكنوا التاء لم يكن بد من ألف الوصل ، وذلك قولك في تطوع اطّوّع وفي تزينت ازّينت وفي تدارأ القوم ادّارأ القوم وفي تثاقل اثاقل.
وقال الله عزوجل : (فَادَّارَأْتُمْ فِيها). وقال : (اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ،) وكذلك يجوز الإدغام في مصدر هذين الفعلين إذا كان التاء أحد الحروف التي تدغم التاء فيها كقولك : اطوع اطوعا وازين ازينا وادارأتم ادارأوا وأثاقلا والأصل تطوع وتزين وتدارأ وتثاقل.
فلما أدغم وصار بألف الوصل صار على اطوع وازين وادارأ واثاقل ، والإدغام فيما كان من مخرج التاء أقوى ، وأما قول سيبويه ؛ فإن وقع حرف مع ما هو من مخرجه مبتدأ أدغموا وألحقوا الألف الخفيفة يريد الفعل الماضي ؛ لأن التاء في الفعل الماضي مبتدأ ليس قبله شيء.
وقوله : أدغموا يعني أرادوا الإدغام ؛ لأن الإدغام غير لازم والألف الخفيفة يريد بها ألف الوصل ، قال : ودعاهم إلى إلحاق الألف ما دعاهم إلى إسقاطها حين قالوا : خطف فحركوا الخاء يريد أنهم لما سكنوا التاء مبتدأ احتاجوا إلى ألف الوصل فيما ليس ألف الوصل كما أنهم لما حركوا الحرف الساكن فيما فيه ألف الوصل وهو اختطف أسقطوا لأن الحاجة إلى ألف الوصل إنما هي لسكون الحرف المبتدأ ، ويستغنى عنها بتحريكه.
قال : فإن التقت التاءان في تفعيل نحو : تتكلمون ؛ فأنت بالخيار إن شئت أثبت وإن شئت حذفت وتصديق ذلك (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) و (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) فإن شئت حذفت الثانية كما قال (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ)