قال : ومن الشاذ قولهم في بني العنبر وبني الحارث بلعنبر وبلحارث حذفوا النون وكذلك يفعلون بكل قبيلة يظهر فيها لام المعرفة فأما إذا لم يظهروا اللام فيها ؛ فلا يكون ذلك فيها ؛ لأنها لما كانت مما كثر في كلامهم ، وكانت اللام والنون قريبتي المخارج حذفوها وشبهوها بمست لأنهما حرفان متقاربان ولم يصلوا إلى الإدغام كما لم يصلوا في مست لسكون اللام وهذا أبعد ؛ لأنه اجتمع فيه أنه منفصل ، وأنه ساكن ليتصرف تصرف الفعل بين تدركه الحركة ومثل هذا قول بعضهم علماء بنو فلان فحذف اللام وهو يريد على الماء بنو فلان.
وفي نسخة أبي بكر مبرمان زيادة على كثير من النسخ وذلك قولك معنبر وبلحارث وعلماء بنو فلان وقال الشاعر :
وما غلب القيسي من ضعف قوة |
|
ولكن علت عمر له قنبر |
وقال :
فما أصبحت عرض نفس بريئة |
|
ولا غيرها إلا سليمان ما لها |
قال أبو سعيد ـ رحمهالله ـ : يريد أنك إذا وصلت صارت النون متحركة وبعدها اللام ساكنة ، وقد سقطت الياء التي في بني لاجتماع الساكنين فصار بنو الحارث وبنو العنبر بنلحارث وبنلعنبر في تحريك النون وسكون اللام بعدها بمنزلة مسست في تحرك السين الأولى ، وسكون الأخرى ؛ فلم يقع إدغام فيهما لسكون الثاني فحذفوا النون كما حذفوا السين الأولى.
وقوله : وهذا أبعد يريد والإدغام في بلعنبر أبعد منه في مسست من جهتين إحداهما أن اللام في بلعنبر ومن كلمة والنون من كلمة قبلها ؛ لأن أصلها بني العنبر ومسست كلمة واحدة وقد تقدم أن الإدغام فيما كان منه في كلمة أقوى مما يكون في كلمتين والجهة الأخرى أن لام المعرفة مبنية على السكون لا تصرف لها في الحركة والسينان في مسست من كلمة واحدة والثانية منهما قد تكون متحركة من قولك مس يمس.
وإنما يقع الإدغام في متحرك والذي لا يكون إلا ساكنا لا يقع فيه الإدغام.
وقوله : «وإنما يقولون بلحارث وبلعنبر وما أشبه ذلك وبلهجيم وما أشبه ذلك ولا يحذف في بني النجار وبني النمر وما أشبه ذلك» لأن لام المعرفة إذا ظهرت بأن مخرجها فظهرت النون واللام وكأنهما من جنس واحد لما بينهما من التجاور لأن النون تدغم في اللام فصارتا كأنهما سينا مسست وأحسست ولاما ظللت وإذا أدغمت لام المعرفة في