ومذهب الكوفيين إدغام التاء فيهما ، والطاء والدال بمنزلة التاء ، وهما من مخرجها وأحكام هذه الثلاثة سواء في الإدغام.
قال أبو سعيد ـ رحمهالله ـ : وإدغام التاء والدال والطاء في الجيم عندي قوي ؛ لأن المخرجين مجاوران ليس بينهما فصل ، والجيم أقوى منهما ، وأمكن ؛ لأنها من وسط اللسان وهذه الحروف من الطرف ووسط اللسان أمكن من طرفه ، كما أن داخل الفم أمكن من الشفتين ومن أجل ذلك أدغمت الباء التي من بين الشفتين في الفاء ؛ لأن الفاء من داخل الفم والباء من بين الشفتين.
وكان أبو عمرو يدغم الطاء في التاء في قوله (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ) و (أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ) و (فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ) و (فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) ويبقي منها صوتا لئلا يخل بحرف الإطباق.
ولا يدغم الظاء في التاء ؛ لأن بينهما تراخيا لا لأن الإدغام فيها لا يجوز ، ولكنه يختاره في بعض لقوته ويدع في بعض لنقصان سببه.
ويدغم الدال في التاء كقوله : (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) [البقرة : ٢٥٦] ، وذكر أبو بكر بن مجاهد أنه لم يكن أحد ممن لا يرى الإدغام من الأئمة يظهر دال قد عند التاء إلا ابن المسيبي قد روى عن نافع قد تبين بإظهار الدال ، وهذا استكراه وصعوبة على اللسان.
قال أبو سعيد ـ رحمهالله ـ : وقد بينوا الطاء عند التاء في فرطت وأحطت ، والطاء مثل الداء في المخرج والشدة ، ولكن بيان الطاء مع التاء ؛ لأن الطاء مطبقة والداء والتاء ليستا بمطبقتين فبانفراد الطاء بالإطباق واجتماع الدال والتاء في عدم الإطباق صارت الطاء من الدال أبعد من الدال منها ، وإنما يثقل اجتماع ما هو أقرب وبيانه وأدغم أبو عمرو لام هل في التاء ، ولم يدغم لام بل فيها.
قرأ (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) و (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ ،) وروى عنه أيضا (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ،) ولم يدغم (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً) ونحوها.
وذكر بعض من احتج عنه للفرق بينهما أنه اتبع الأثر ؛ لأن عمرو بن دينار قال : سمعت ابن عباس يقول : (هَلْ تَرى) من يرى يدغمها يعني اللام في التاء هكذا نقل هذا الحرف مدغما.
وقد أدغم اللام من هل وبل في التاء حمزة والكسائي في قوله (بَلْ تُؤْثِرُونَ) و (هَلْ تَرى) ونحوه.