وقد مضى الكلام في إدغام ما يدغم في التاء في موضعه ، وقد روي عن عبد الله بن كثير إدغام التاء في أول الفعل المستقبل علامة للمخاطب أو للمؤنثة الغائبة في تاء بعدها في أحرف كثيرة منها ما قبله متحرك ، ومنها ما قبله ساكن من حروف المد واللين ، ومنها ما قبله ساكن من حروف المد واللين ؛ فأما ما قبله متحرك فنحو قوله (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) وهي (تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ ،) وأما ما كان قبله ساكن من حروف المد واللين فقوله (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ) و (وَلا تَفَرَّقُوا) و (وَلا تَنازَعُوا).
وأما ما كان قبله ساكن من غير حروف المد فقوله عزوجل (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) و (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) وسيبويه ومن اتبعه لا يجيزون إسكان هذه التاء في تتكلمون ونحوها ؛ لأنهم إذا أسكنوها احتاجوا إلى إدخال ألف الوصل وألف الوصل إنما تلحق ويختص بها ما كان في معنى فعل وافعل في الأمر يعني أن ألف الوصل إنما تدخل على الفعل الماضي نحو : انطلق واستغفر وفعل الأمر نحو : اجلس واقعد وانطلق واستغفر ولم يدخلوا ألف الوصل على فعل مضارع في أوله أحد الزوائد الأربع ، وأما الثاء فأدغمها أبو عمرو في مثلها كقوله : (ثالِثُ ثَلاثَةٍ) ويدغمها في الذال كقوله (يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ) ويشمها الكسر أعني الثاء.
وكان أبو بكر بن مجاهد رحمهالله يحمل ما أشم الكسر أو الضم من نحو هذا على أنه اختلاس للحركة لئلا يكون جمع بين ساكنين تدغمها في الشين (ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) و (حَيْثُ شِئْتُمْ) وفي السين كقوله (بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ ، وَوَرِثَ سُلَيْمانُ).
وفي الضاد (حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ ،) وفي التاء كقوله : (أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ).
وقد أدغم في الثاء الفراء ثلاثة أحرف التاء والذال واللام وقد ذكرتها في مواضعها ، وأما الجيم فإن سيبويه ذكر إدغامها في الشين فقط ، ويروي اليزيدي عن أبي عمرو إدغامها في التاء كقوله (ذِي الْمَعارِجِ (٣) تَعْرُجُ).
وروي عنه إدغامها في الشين كقوله (أَخْرَجَ شَطْأَهُ ،) وكان أبو عمرو يدغم الجيم في التاء والدال والذال وهي مذكورة في مواضع إدغام هذه الحروف.
وأما الحاء فإن أبا عمرو كان يدغمها في مثلها كقوله (عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى).
وقد روي عنه روايتان في إدغامها في العين إحداهما إدغامها في العين ، وروي اليزيد عنه أنه لم يكن يدغم الحاء في العين إلا في قوله (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ ،) والأخرى ما رواه اليزيدي عن أبي عمرو قال : من العرب من يدغم الحاء في العين كقوله (فَمَنْ زُحْزِحَ