نفاق بينهما عوان ، فالذي يدعي الإيمان ، عليه أن يبتغي دين الله واصبا لأنه دين الله ، لا لأنه ألفه هو وآباءه الأولون ، فالمبتغي دين الله هو في سبيل الحق ولمّا يصل فانه شك مقدس يتحرى فيه الشاك عن دين اليقين ، والراسب على شرعة منسوخة دون تحر عن ناسخها او تجرّ عليه هو على دين غير مقدس ، فانما ابتغاء دين الله هو الصالح بجنب الله لا سواه مهما تقشف وتزهد في شرعة منسوخة مضى دورها.
ف (دِينِ اللهِ) هو طاعته بمعرفته ، خالصة غير خليطة بسائر الطاعة ، إذا (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) من طاعة لما سوى الله ، إلحادا في الله أو اشراكا بالله ، فالكافر بالشرعة الأخيرة تثاقلا على السابقة هو كافر بدين الله ، متبع لهواه ، تارك لأمر مولاه ، لأنه غير مبتغ لدين الله ، فانما يبتغي هواه مهما أظهرها بمظهر شريعة الله!.
(وَلَهُ أَسْلَمَ) لله ولدين الله (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً) هم المؤمنون الحقيقيون ، إسلاما لطاعته في كل قليل وجليل «وكرها» حيث لا يستطيعون الخروج عن سلطان علمه وقدرته مهما كفروا.
فالإسلام هنا يعم تكوينيّه إلى تشريعيه وتشريعيه إلى تكوينيه ، فهما يجتمعان في المؤمنين ويفترقان في الكافرين حيث هم مسلمون كرها مهما تركوه طوعا ، ثم والكل (إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).
وقد يعني الإسلام طوعا بالنسبة للكفار ايضا حيث أسلمت فطرهم بما فطر الله وعقولهم إن كانوا يعقلون ، مهما كفروا بما طغت أهوائهم ، ثم الطّوع بالنسبة للمؤمنين فيه زيادة اتباع أهوائهم لفطرهم وعقولهم ووحي الله.
وبوجه عام قد يعني ذلك الإسلام أن ألقوا اليه السّلم ـ كلهم ـ بما يظهر من حاجتهم إلى إرفاقه وفقرهم الى أرزاقه ، ونقائصهم التي لا تتم إلا بحسن