وانما هو تخلف عن شرعة الله : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٣ : ١٧٨) (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (٧ : ١٨٣) (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها) (٢٢ : ٤٨) ، وأصل الاملاء هذا من الشيطان ثم الله لا يحول بينه وبينهم فينسب اليه كما ينسب الى الشيطان وبينهما بون الرحمن والشيطان : (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ) (٤٧ : ٢٥) (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) ومن الجامع بين الأولين ام والثالث : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) (٢ : ١٠٢) (وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ) (٢ : ٢٥١) ـ (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) (١٢ : ١٠١) (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (٤ : ٥٤).
وذلك المثلث كما هو بين حق وباطل ، وبين جعل تشريعي وتكويني ، كذلك هو بين شخصي ـ كما في أشخاص الملوك ـ أو جماعي ـ كما في بيوتات صالحة ام طالحة ام عوان بينهما.
ثم (تُؤْتِي الْمُلْكَ) دون «تعطي» تعميم لعطية الملك وهو الهبة الربانية في حقلي التشريع والتكوين ، ولإيتائه لمن يؤتاه تكوينا في طالح الملك زمنيا وروحيا ، بمعنى ألا يحول دون وصول الطالحين إليهما ام إلى أحدهما ، حين يحاولون بمختلف المحاولات والحيل الوصول إليه ، والصالحون بمعزل عن المحاولات الصالحة لفصله عنهم وصولا للقواد الصالحين إليه ، حيث الدار العاجلة هي دار الاختيار دون إجبار ، اللهم الا فيما لا تكليف فيه امّا أشبهه.
إذا فمشية الإيتاء تعم التكوينية المحلقة على صالح الملك وطالحه ، والتشريعية الخاصة بصالحه.