فمهما كان الملك الظالم ـ روحيا او زمنيا ـ هو المتغلب على ملكه والغاصب لما في يده ، ولكنه تعالى ليس بمنعزل عن إيجابه وسلبه ، حيث الارادة الإلهية المحلقة على كل كائن هي قضية التوحيد الأفعالي ، فقد يحاول الظالم كل محاولة له ممكنة للوصول الى حكم والله يحول بينه وبين مغزاه ، ام يحاول بعض المحاولات والله لا يحول بينه ومغزاه ، وكما يراه من الحكمة العالية.
وعلى أية حال ليس مالك الملك ـ كأصل ـ إلّا هو ، ولا يؤتيه لأحد إلا من يشاءه ، دون جبر ولا تفويض ، فإنهما تنقيص لساحته وتقويض ، فله الحكم في كل الحقول دون انعزالية تامة تفويضا ، ولا ايجابية طامة جبرا ، كما ويضل من يشاء ويهدي من يشاء ولا يظلمون نقيرا.
إنه (مالِكَ الْمُلْكِ) أيا كان من الثلاثة بين تشريع وتكوين (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) منهم في صالح الحكمة الربانية امتحانا بامتهان ام سواه ، بإضفاء النعم عليهم ، وإقرار الأموال الدثرة عندهم ، وبما ترفدهم به من بنين وحفدة ، وعديد وعدّة ، وإلزاما لمن دونهم على طاعتهم متى أجابوا داعيك واتبعوا أوامرك ، وحين يعدلون عن نهج طاعتك ويفارقون سواء محجتك نزعت منهم الملك ، بان تسلبهم ملابس نعمك وتجعل أموالهم وأحوالهم ، دولتهم ودولتهم ، غنما ونفلا لغيرهم من عبادك.
ذلك ـ وإيتاء الملك تشريعيا ككل يخص الصالحين فلا انتزاع له عنهم ، اللهم إلا نقلة لملك الشّرعة عن قوم إلى آخرين بما بغوا وطغوا على صلاح رسلهم ، كما انتقلت الشرعة الإلهية من بني إسرائيل الى بني إسماعيل ، وإليكم نصا من التوراة من الأصل العبراني بهذا الصدد تصديقا للقرآن العظيم :
ففي سفر التكوين (٤٩ : ١٠) : «لوء يا ثور شبط ميهوداه ومحوقق ميبن رغلايو عدكي يا بوء شيلوه ولوء ييقهت عميم أو ثري لنفن عيروه ...».