(بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ...) (٥٨ : ٢٢) ـ (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٦ : ٦٨) ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ...) (٥ : ٥١).
تلك هي المفاصلة القاطعة دون أية مواصلة في ولاية بين كتلة الايمان والكفر ، لا شذوذ عنها ولا استثناء فيها على أية حال ، والولاية حبا وقولا وعملا وسلطة زمنية ام روحية ، موحّدة في اهل الله محبورة ، محظورة في غير اهل الله ولا سيما قلبيا وسلطة روحية فإنهما لا يلائمان الايمان على اية حال ، وليست التقية الا في الثلاثة الوسطى على اختلافها في الحظر.
(إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) ومع العلم ان التقية لا موقع لها ولا دور إلا في المظاهر ، نعلم أن الاستثناء محصور فيها محسور عن الباطن ، وهو المحبة القلبية والاعتقاد في ولايتهم وعقد القلب عليها ، فهي إذا تقية اللسان ، لا ولاء القلب بل ولا ولاء العمل إلّا عند الاضطرار.
فكما يستثنى مورد الإكراه في الكفر وليس إلا ظاهره : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (١٦ : ١٠٦) كذلك التقية في ولاية الكفار ليست إلّا فيما سوى القلب اكراها على المظاهر وقلبه مطمئن بولاية موحدة للمؤمنين.
فقد بقيت عند التقية الولاية الظاهرة إظهارا للحب قولا او عملا ثم ولاية السلطة ، والاستثناء ظاهر في أولاهما ، منقسما الى تقية الخوف على اية حال وتقية الحب جذبا لهم الى الايمان فيمن يرجى منهم ، إذ : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ