إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٦٠ : ٩).
فما أمكن جذب الكفار إلى الإيمان بتوليهم في ظاهر الحال وعشرة الأعمال ، فهو من تكاليف داعية الايمان وقد يجب ، وكما لهم كمؤلفة قلوبهم حق من الزكاة الواجبة مهما كانوا أغنياء ، كما ويسلّم على الكفار بنفس السبب كما سلم ابراهيم (عليه السلام) على آزر من قبل ان يتبين له انه من اصحاب الجحيم.
وعند الإياس منهم فلا ولاية إلا عند تقية الخوف على ما هو أهم من محظور الولاية نفسا وعرضا وما أشبه.
واما ولاية السلطة ولا سيما الروحية فالتقية فيها أضيق من الأخرى ، حيث السلطة الكافرة قاضية على خطوط الايمان وخيوطه مهما كانت بصورة تدريجية ، فلا تقية فيها على اية حال ، اللهم إلا إذا ترجحت ميزانية الحفاظ على النفس والنفيس على وجوب معارضة السلطة الكافرة ، وحرمة الإبقاء عليها تظاهرا بالولاء ، ولا دور لهذه الرجاحة إلا في غربة غريبة للمؤمن ، حيث لا يجد ناصرا له في دولة الكفر ، ولا سبيل له للقضاء عليها او معارضتها عمليا وقوليا ، فقد يتربص المؤمن في دولة الكفر ـ حين لا يجد حيلة لترك الموالاة ، ولا وسيلة للفرار الى دولة أخرى ـ يتربص نظرة ان يأتي دور المعارضة على السلطة والقضاء عليها (١) وأية ولاية مسموحة بالنسبة للكافرين هي مقدرة بقدر
__________________
(١) للوقوف على تفصيل البحث حول موارد التقية راجع تفسير الإكراه «إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ».