الضرورة في تقية الحب والخوف ، دون استرسال فيها كما في المؤمنين حيث الضرورات تقدر بقدرها.
(وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) فحذار حذار من ولاية الكفار كما اتخاذ من دون الله آلهة ، حيث الولاية هنا هي من فروع الإلحاد في الله والإشراك بالله ، والمصير الى الله يقتضي الصمود على ولاية الله وولاية اهل الله (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) ، وترى كيف (يُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ)؟ والله نفسه لا يتحذر لأنه عدل كريم!.
إنه يحذركم نفسه لمكانة عدله ، فليس عذابه إلا من خلفيات عدله تعالى ، وعلّ «نفسه» دون «عقابه» قصد الى خاصة عقابه الذي يأتي من قبله ويصدر عن امره ، دون الذي يجريه على ايدي خلقه ، حيث العقاب على الوجه الأول أبلغ ألما وأشد مضضا.
ونفس الله هي ذاته سبحانه دون شيء من كيانه إذ لا يتجزأ ، فهي من إضافة الكائن إلى نفسه ، ولا تأتي لله إلّا مضافة دون إفراد.
هذا ـ ومن الولاية الظاهرة للكفار مخالطتهم التي تجركم إلى أهواءهم شئتم أم أبيتم ، مخالطة قولية أو عملية هي الولاية الوسطى بعد المحبة وقبل السلطة الكافرة ، التي كانت مجالة للتقية.
فانها في غير تقية الخوف ككل ، وغير تقية المحبة ـ في مجالاتها غير المحظورة ـ محظورة وقد نزلت فيما نزلت ـ بشأن الحظر عنها (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٦ ـ أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الحجاج بن عمر وحليف كعب بن الأشرف وابن أبي الحقيق وقيس ابن زيد قد بطنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم فقال رفاعة بن المنذر وعبد الله بن جبير وسعد بن خيثمة لأولئك النفر ـ