أيضا وكان باني (قلعة صالح) سنة ١٢٦٩ ه ـ ١٨٥٢ م وكان أمير المنتفق أيام نامق باشا. وهو ابن عيسى الحريق. وعيسى هذا توفي حرقا سنة ١٢٥٩ ه ـ ١٨٤٣ م وهو ابن محمد بن ثامر السعدون وبعده ولي ناصر باشا ابن راشد بن ثامر السعدون.
ثم ان الدولة أرادت إلقاء بذور الفتن ، وتشويش الحالة للتدخل ، فصارت تتساهل مع بعضهم مرة ، وتلتزم الشدة أخرى. وراعت في الضرائب طريق الالتزام واتخذته وسيلة. وفي كل مرة تنزع قسما من المنتفق ، وتوسعه أخرى. وهكذا أخرجت من نطاقها قطعات عديدة بأمل أن تقلل النفوذ والسلطة فانتزعت منها عشائر كثيرة.
وفى كل هذه عزمت الدولة على القضاء على هذه الإمارة مهما كلفها الأمر إلا أنها متى شعرت بالخطر بدلت الوزير أو ركنت إلى سياسة أخرى ونسبت الحادث إلى خرق الوالي الذي لم يتحرك من تلقاء نفسه. وذلك خشية الغائلة أو توقع نتائج غير مرضية. أرادت الدولة أن تكون ديارهم خالصة لها. وكاد ينجح الوالي رشيد باشا الكوزلكلي في مهمته التي أشبعها درسا لو لا انه عاجلته المنية وحالت دون تحقق آماله.
كان قرب المعارضين ، واستغل المناوئين ، وتعرف للحالة منهم ، وسلطهم. كما انه لم يفاجىء في تغيير الوضع. وإنما فصل قضاء السماوة وتوابعه بعشائره ، عن سلطة المنتفق ، وألحقه بالحلة في الالتزام الذي أجراه بأمل فل القوة. ولم يخف هذا على أحد. فاتفق الشيخ ناصر مع الرؤساء الآخرين فحارب مرات عديدة ، وانتصر انتصارا باهرا ، فكاد يتغلب.
وفى الحرب الاخرى انتصر الجيش وبقي مرابطا في سوق الشيوخ. ورفع ما كان يستوفيه أمراء المنتفق باسم (جيوشية). وهي أشبه برسوم الكمرك إلا أنها ليست لها حدود معينة أو مقاييس ثابتة. ولم تتحقق آماله ، فعاجلته المنية ، ولم تعرف نواياه إلا أن الغرض القضاء على السلطة العشائرية فحبطت مساعيه. ومن حين استولى على سوق الشيوخ في ١٤