المشيخة ، فأراد أن يقتطع أولا بعض الاماكن ليقلل السلطة ، ويحصر دائرة النفوذ في نطاق محدود. جاراه الشيخ منصور بك بل حسن له أن يلغي المشيخة رأسا وبلا تمهيد. وكان الشيخ منصور من أعضاء المجلس الكبير ببغداد (١). فأبدى أن لا حاجة إلى اقتطاع بعض المواطن ، وأوضح أنه إذا نصبته الدولة قائممقاما (متصرفا) جعل المنتفق كلها تابعة للدولة.
قبل الوالي هذا الرأي ، وألغى المشيخة فأسند إليه القائممقامية في سلخ جمادى الاولى سنة ١٢٨٠ ه ـ ١٨٦٣ م. ولما كان لا يعرف اللغة التركية جيدا ، وليست له دربة على الادارة جعلت الدولة بصحبته الاستاذ سليمان فائق وكان من الكتاب المجيدين. وكان قائممقام خانقين. وأودعت إليه مهمة (محاسب اللواء) ليطلع حكومته على ما يجري.
وكان في ذلك الوقت الشيخ ناصر والشيخ بندر في بغداد. إلا أن هذا الاخير توفي في اليوم التالي من تعيين الشيخ منصور ، أما الشيخ ناصر فانه ثار في وجه أخيه وأشاع اشاعات من شأنها أن تثير الاهلين ، وتحرضهم على القيام على الدولة. فعارض أمر القائممقامية. وكان قطع بأن هذه الفتن كلها جرت في الخفاء على يد الاستاذ سليمان فائق ، وعده أصل القلاقل في المنتفق ، والتزم قتله ، فلم يوفق لما جاء تفصيل ذلك في تاريخ العراق.
وعلى كل عارضوا بتحول المشيخة إلى قائممقامية واعلنوا العصيان ونهبوا المؤن المرسلة من لواء الحلة إلى البصرة نهرا. وهي المرتبات الحجازية. ولم يكتفوا بهذا وإنما قطعوا الخطوط البرقية بين بغداد والحلة وكان تمديدها من زمن قريب بقصد أن يعظموا الأمر في عين الدولة. بقي المحاسب ثلاثة أشهر غير مسموح له بالخروج وان كان معززا في الظاهر. ثم أذنوا له بالعودة وان ادارة القائممقامية لم تطل أكثر من شهرين فثارت الزعازع.
__________________
(١) كانت صدرت الارادة الملكية بتأليفه في شهر رمضان سنة ١٢٦٧ ه (١٨٥٠ م) فألف في بغداد وفي سائر الولايات بالاستناد الى خط كلخانة.