المفترسة (مواسم) كان يجري فيها الصيد قديما ... وللولاة والأمراء ولع في القنص للتلذذ والقصص التاريخية والحوادث كثيرة. وفي صيد الوحوش الضارية تعود على الفروسية وتمرين على مقارعة الأعداء. ولم يبق له اليوم ذلك الأثر أو قل عن ذي قبل وإن كان لم ينعدم. لما شغلوا به من أعمال تتطلب جهودا أكثر من ذي قبل. فإن إدارة المملكة تعقدت وزادت الواجبات وتنوعت المهمات بالرغم من توزع الأعمال. نرى لجيشنا وقتا معينا ل (صيد ابن آوى). والصيد اليوم مقيد بقوانين في جميع أنواعه.
ومما نال المكانة بين الأمراء السابقين ، وبين الأهلين ، والعشائر ... (القنص بالطيور). وهذا من ألذ أنواع الصيد ، وكان القدماء أكثر ولعا به ، وتربية (الطيور الجوارح) يقال لها (البيزرة) ، و (البيزدرة). وفيها تعويد على الصيد وتأليف لها ، ومراعاة صحتها. والعناية بها تحتاج إلى كلفة كبيرة. وكتبوا فيها مؤلفات عديدة ومنوعة تطمينا لرغبة أرباب الذوق فيها (١). ولهم العناية بها. ولا تزال الحالة مرعية إلى اليوم ، ولكن الاهتمام قلّ بسبب تغير الصيد وتنوعه كالرمي بالبنادق ، وسهولة الحصول على الصيد من أسهل طريق ، وأقرب من يد التناول بلا كلفة ولا عناء ، وقد يراد به التمرن على الهدف وإصابته ... ولم يبطل الصيد بالجوارح إلا أن العناية به ضعفت. وأما صيد الأسماك فإنه ليس فيه تلك اللذة إلا أنه يسد حاجة ماسة أو
__________________
(١) منها كتاب البيزرة تأليف بازيار العزيز بالله الفاطمي ويظن أنه أبو عبد الله الحسن ابن الحسين. نشره الأستاذ المرحوم محمد كرد علي وحققه وطبع سنة ١٣٧٢ ه ـ ١٩٥٣ م. نشره المجمع العلمي العربي بدمشق. وكتاب المصايد والمطارد لكشاجم طبع بتحقيق الأستاذ أسعد طلس طبع بمطبعة دار المعرفة ببغداد سنة ١٩٥٤ م وهو من مطبوعات دار اليقظة. وعندي مخطوط في البيزرة في بلاد الشام ومصر أيام الأيوبيين وأوائل المماليك تأليف أحد الأمراء بدر الدين محمد بن بكتوت بن عبد الله الخزندار الرماح الظاهري المتوفى سنة ٦٨٠ ه. وهو المسمى (كتاب البائري). وكتبت في البيزرة مقالة في مجلة المجمع المشار إليه بعنوان (كتب البيزرة) ج ٢٥ ص ٢٩٨ وسنة ١٩٥٠ م.