(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ)(١٢)
(يَتَمَتَّعُونَ) ينتفعون بمتاع الحياة الدنيا أياما قلائل (وَيَأْكُلُونَ) غافلين غير مفكرين في العاقبة (كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ) في مسارحها ومعالفها ، غافلة عما هي بصدده من النحر والذبح (مَثْوىً لَهُمْ) منزل ومقام.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ)(١٣)
وقرئ : وكائن ، بوزن كاعن (١). وأراد بالقرية أهلها ، ولذلك قال (أَهْلَكْناهُمْ) كأنه قال : وكم من قوم هم أشد قوّة من قومك الذين أخرجوك أهلكناهم. ومعنى أخرجوك: كانوا سبب خروجك. فإن قلت : كيف قال (فَلا ناصِرَ لَهُمْ)؟ وإنما هو أمر قد مضى. قلت : مجراه مجرى الحال المحكية ، كأنه قال أهلكناهم فهم لا ينصرون.
(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ)(١٤)
من زين له : هم أهل مكة الذين زين لهم الشيطان شركهم وعداوتهم لله ورسوله ، ومن كان على بينة من ربه أى على حجة من عنده وبرهان : وهو القرآن المعجز وسائر المعجزات هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقرئ : أمن كان على بينة من ربه. وقال تعالى (سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا) للحمل على لفظ (مِنْ) ومعناه.
(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ)(١٥)
__________________
(١) قوله «وكائن بوزن كاعن» في الصحاح «كائن» : معناها معنى كم في الخبر والاستفهام ، وفيها لغتان : كأين. مثال كعين وكائن : مثال كاعن اه. (ع)