من المفاصل للانعطاف والتثني ، فإنه إذا جسا (١) شيء منها جاء العجز ، وإذا استرخى أناخ الذل ، فتبارك الله أحسن الخالقين.
(وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)(٢٣)
(وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ) هو المطر ، لأنه سبب الأقوات. وعن سعيد بن جبير : هو الثلج وكل عين دائمة منه. وعن الحسن : أنه كان إذا رأى السحاب قال لأصحابه : فيه والله رزقكم ، ولكنكم تحرمونه لخطاياكم (وَما تُوعَدُونَ) الجنة : هي على ظهر السماء السابعة تحت العرش. أو أراد : أن ما ترزقونه في الدنيا وما توعدون به في العقبى كله مقدر مكتوب في السماء. قرئ : مثل ما بالرفع صفة للحق ، أى حق مثل نطقكم ، وبالنصب على : إنه لحق حقا مثل نطقكم. ويجوز أن يكون فتحا لإضافته إلى غير متمكن. وما مزيدة بنص الخليل ، وهذا كقول الناس : إن هذا لحق ، كما أنك ترى وتسمع ، ومثل ما إنك هاهنا. وهذا الضمير إشارة إلى ما ذكر من أمر الآيات والرزق وأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، أو إلى ما توعدون. وعن الأصمعى : أقبلت من جامع البصرة فطلع أعرابى على قعود له فقال : من الرجل؟ قلت : من بنى أصمع. قال : من أين أقبلت؟ قلت : من موضع يتلى فيه كلام الرحمن. فقال : اتل علىّ ، فتلوت (وَالذَّارِياتِ) فلما بلغت قوله تعالى : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ) قال : حسبك ، فقام إلى ناقته فنحرها ووزعها على من أقبل وأدبر ، وعمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وولى ، فلما حججت مع الرشيد طفقت أطوف ، فإذا أنا بمن يهتف بى بصوت دقيق ، فالتفت فإذا أنا بالأعرابى قد نحل واصفر ، فسلم علىّ واستقرأ السورة ، فلما بلغت الآية صاح وقال : قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، ثم قال : وهل غير هذا؟ فقرأت : فورب السماء والأرض إنه لحق ، فصاح وقال : يا سبحان الله ، من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف ، لم يصدقوه بقوله حتى ألجأوه إلى اليمين ، قالها ثلاثا وخرجت معها نفسه.
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ
__________________
(١) قوله «إذا جسا شيء منها» في الصحاح : جست اليد وغيرها جسوا وجساء : يبست اه. (ع)