ولو حكى قولها لقال : قل مالك. ومنه قول المحلف للحالف : احلف لأخرجنّ ، ولتخرجنّ: الهمزة لحكاية لفظ الحالف ، والتاء لإقبال المحلف على المحلف (فَأَغْوَيْناكُمْ) فدعوناكم إلى الغى دعوة محصلة للبغية ، لقبولكم لها واستحبابكم الغىّ على الرشد (إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) فأردنا إغواءكم لتكونوا أمثالنا (فَإِنَّهُمْ) فإنّ الأتباع والمتبوعين جميعا (يَوْمَئِذٍ) يوم القيامة مشتركون في العذاب كما كانوا مشتركين في الغواية (إِنَّا) مثل ذلك الفعل (نَفْعَلُ) بكل مجرم ، يعنى أنّ سبب العقوبة هو الإجرام ، فمن ارتكبه استوجبها (إِنَّهُمْ كانُوا إِذا) سمعوا بكلمة التوحيد نفروا أو استكبروا عنها وأبوا إلا الشرك.
(وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦) بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧) إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَما تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٣٩)
(لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم (بَلْ جاءَ بِالْحَقِ) رد على المشركين (وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) كقوله (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) وقرئ : لذائقو العذاب ، بالنصب على تقدير النون ، كقوله :
ولا ذاكر الله إلّا قليلا (١)
بتقدير التنوين. وقرئ على الأصل : لذائقون العذاب (إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) إلا مثل ما عملتم جزاء سيئا بعمل سيئ.
(إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١) فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (٤٢) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٤٣) عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٤) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦) لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (٤٧) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ)(٤٩)
__________________
(١) تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الأول صفحة ٤٤٨ فراجعه إن شئت اه مصححه.