(إِلَّا عِبادَ اللهِ) ولكن عباد الله ، على الاستثناء المنقطع. فسر الرزق المعلوم بالفواكه : وهي كل ما يتلذذ به ولا يتقوّت لحفظ الصحة ، يعنى أنّ رزقهم كله فواكه ، لأنهم مستغنون عن حفظ الصحة بالأقوات ، بأنهم أجسام محكمة مخلوقة للأبد ، فكل ما يأكلونه يأكلونه على سبيل التلذذ. ويجوز أن يراد : رزق معلوم منعوت بخصائص خلق عليها : من طيب طعم ، ورائحة ، ولذة ، وحسن منظر. وقيل : معلوم الوقت ، كقوله (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) وعن قتادة : الرزق المعلوم الجنة. وقوله (فِي جَنَّاتِ) يأباه ، وقوله (وَهُمْ مُكْرَمُونَ) هو الذي يقوله العلماء في حد الثواب على سبيل المدح والتعظيم ، وهو من أعظم ما يجب أن تتوق إليه نفوس ذوى الهمم ، كما أنّ من أعظم ما يجب أن تنفر عنه نفوسهم هو ان أهل النار وصغارهم.
التقابل : أتم للسرور وآنس. وقيل : لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض.
يقال للزجاجة فيها الخمر : كأس ، وتسمى الخمر نفسها كأسا ، قال :
وكاس شربت على لذّة (١)
وعن الأخفش : كل كأس في القرآن فهي الخمر ، وكذا في تفسير ابن عباس (مِنْ مَعِينٍ) من شراب معين. أو من نهر معين ، وهو الجاري على وجه الأرض ، الظاهر للعيون: وصف بما يوصف به الماء ، لأنه يجرى في الجنة في أنهار كما يجرى الماء ، قال الله تعالى (وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ). (بَيْضاءَ) صفة للكأس (لَذَّةٍ) إمّا أن توصف باللذة كأنها نفس اللذة وعينها : أو هي تأنيث اللذ ، يقال : لذ الشيء فهو لذ ولذيذ. ووزنه : فعل ، كقولك : رجل طب ، قال :
ولذ كطعم الصّرخدى تركته |
|
بأرض العدا من خشية الحدثان (٢) |
__________________
(١) وكأس شربت على لذة |
|
وأخرى تداويت منها بها |
لكي يعلم الناس أنى امرؤ |
|
أتيت المعيشة من بابها |
للأعشى ، والكأس تطلق على الزجاجة فيها الخمر ، وعلى الخمر فيها : مجازا مشهورا ، وهي مؤنثة بدليل تأنيث صفتها وضميرها. يقول : ورب كأس شربتها مع لذة ، أو لأجل لذة فضرتنى ، فشربت كأسا أخرى تداويت من الأولى بها ، ليعلم الناس أنى مجرب للأمور ، وكنى عن ذلك بقوله : أتيت المعيشة من بابها ، وشبه المعيشة مع أسبابها المناسبة لها بدار لها باب على طريق المكنية وإثبات الباب تخييل ، أى : كما داويت الداء من بابه أدرك المعيشة وأحصلها من الأسباب التي تناسبها. ويروى : بدل الشطر الثاني من البيت الأول دهاق يرنح من ذاقها ودهقه : كسره وغمزه غمزا شديدا ، وكأس داهق : ممتلئة ، ودهاق : مملوءة. وترنح : تميل ، لكن هذا من قافية أخرى.
(٢) اللذ : وصف ، واللذة : مؤنثة ، وهي اسم للكيفية القائمة بالنفس ، واسم للشيء اللذيذ. والصرخد : موضع من الشام ينسب إليه الشراب. والحدثان : مصدر كالحدث ، إلا أنه يدل على التجدد والتكرر ، يقول : ورب شيء لذيذ يعنى النوم ، طعمه كطعم الشراب الطيب ، تركته بأرض الأعداء خوف نزول المكاره بى. ويروى بدل الشطر الثاني عشية خمس القوم والعين عاشقة وخمست القوم أخمسهم ـ بالضم ـ : أخذت خمس أموالهم.