رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (١٨) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ)(٢٠)
(فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) في أية جنات وأى نعيم ، بمعنى الكمال في الصفة. أو في جنات ونعيم مخصوصة بالمتقين خلقت لهم خاصة. وقرئ : فاكهين وفكهين وفاكهون : من نصبه حالا جعل الظرف مستقرا ، ومن رفعه خبرا جعل الظرف لغوا ، أى : متلذذين (بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ). فإن قلت : علام عطف قوله (وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ)؟ قلت : على قوله (فِي جَنَّاتٍ) أو على (آتاهُمْ رَبُّهُمْ) على أن تجعل ما مصدرية ، والمعنى : فاكهين بإيتائهم ربهم ووقايتهم عذاب الجحيم. ويجوز أن تكون الواو للحال وقد بعدها مضمرة. يقال لهم (كُلُوا وَاشْرَبُوا) أكلا وشربا (هَنِيئاً) أو طعاما وشرابا هنيئا ، وهو الذي لا تنغيص فيه. ويجوز أن يكون مثله في قوله :
هنيئا مريئا غير داء مخامر |
|
لعزّة من أعراضنا ما استحلّت (١) |
أعنى : صفة استعملت استعمال المصدر القائم مقام الفعل مرتفعا به ما استحلت كما يرتفع بالفعل» كأنه قيل : هناء عزة المستحل من أعراضنا ، وكذلك معنى (هَنِيئاً) هاهنا : هناءكم الأكل والشرب. أو هناءكم ما كنتم تعملون ، أى : جزاء ما كنتم تعملون. والباء مزيدة كما في (كَفى بِاللهِ) والباء متعلقة بكلوا واشربوا إذا جعلت الفاعل الأكل والشرب. وقرئ : بعيس (٢) عين.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (٢١) وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ
__________________
(١) يكلفها الخنزير شتمي وما بها |
|
هواني ولكن للمليك استذلت |
هنيئا مريئا غير داء مخامر |
|
لعزة من أعراضنا ما استحلت |
لكثير بن صخر صاحب عزة ، كان ينشد أشعاره في حلقة البصرة ، فمرت به مع زوجها فقال لها : لتغضبنه أو لأضربنك ، فقالت : كذا وكذا بفم الشاعر ، فقال ذلك. وقيل : خرجت تطلب سمنا فصادفها كثير فتحادثا ، وسكب من أداوة معه في إنائها حتى بل ثوبها ، وأنكر ذلك زوجها ، فقصت عليه القصص ، فأمرها بشتمه فقال ذلك. والمليك : مالك أمرها. وما بها هواني : أى ليست مريدة له. وهنيئا مريئا : صفتان مستعملتان استعمال المصدر النائب عن فعله ، وما استحلت : مرفوع محلا بأحدهما على التنازع ، وغير نصب على الحال. ومن أعراضنا بيان لما بعده. والهنيء والمريء : الذي لا تنغيص فيه ، المحمود العاقبة ، والمخامر : المخالط ، وشبه عرضه بالشراب السائغ على طريق المكنية. وهنيئا مريئا : تخييل. ويجوز أن التجوز فيهما على طريق التصريحية.
(٢) قوله «وقرئ بعيس» في الصحاح : العيس ـ بالكسر ـ : الإبل البيض يخالط بياضها شيء من الشقرة ، واحدها : أعيس ، والأنثى : عيساء ، ويقال : هي كرائم الإبل اه ولعله هنا استعارة للنساء. (ع)