الله تعالى على سبيل الالتفات. وقرئ : الأشر ، بضم الشين ، كقولهم حدث وحدث. وحذر وحذر ، وأخوات لها. وقرئ : الأشر ، وهو الأبلغ في الشرارة. والأخير والأشر : أصل قولهم : هو خير منه وشر منه ، وهو أصل مرفوض ، وقد حكى ابن الأنبارى قول العرب : هو أخير وأشر ، وما أخيره وما أشره (مُرْسِلُوا النَّاقَةِ) باعثوها ومخرجوها من الهضبة (١) كما سألوا (فِتْنَةً لَهُمْ) امتحانا لهم وابتلاء (فَارْتَقِبْهُمْ) فانتظرهم وتبصر ما هم صانعون (وَاصْطَبِرْ) على أذاهم ولا تعجل حتى يأتيك أمرى (قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) مقسوم بينهم : لها شرب يوم ولهم شرب يوم. وإنما قال : بينهم ، تغليبا للعقلاء (مُحْتَضَرٌ) محضور لهم أو للناقة. وقيل : يحضرون الماء في نوبتهم واللبن في نوبتها (صاحِبَهُمْ) قدار بن سالف أحيمر ثمود (فَتَعاطى) فاجترأ على تعاطى الأمر العظيم غير مكترث له ، فأحدث العقر بالناقة. وقيل فتعاطى الناقة فعقرها ، أو فتعاطى السيف (صَيْحَةً واحِدَةً) صيحة جبريل. والهشيم ، الشجر اليابس المتهشم المتكسر. والمحتظر : الذي يعمل الحظيرة وما يحتظر به ييبس بطول الزمان وتتوطؤه البهائم فيتحطم ويتهشم. وقرأ الحسن بفتح الظاء وهو موضع الاحتظار ، أى : الحظيرة.
(كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦) وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٧) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨) فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٩) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)(٤٠)
(حاصِباً) ريحا تحصبهم بالحجارة ، أى : ترميهم (بِسَحَرٍ) بقطع من الليل ، وهو السدس الأخير منه. وقيل : هما سحران ، فالسحر الأعلى قبل انصداع الفجر ، والآخر عند انصداعه. وأنشد :
مرّت بأعلى السّحرين تذأل (٢)
__________________
(١) قوله «ومخرجوها من الهضبة» في الصحاح «الهضبة» الجبل المنبسط على وجه الأرض. (ع)
(٢) يا سائلي إن كنت عنها تسأل |
|
مرت بأعلى السحرين تذأل |
يقول : يا من تسألنى إن كنت تسألنى عن الحمر الوحشية لا غير ، فقد مرت بأعلى السحرين وهو السحر الذي قبل