(فِيهِنَ) في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش والجنى. أو في الجنتين ، لاشتمالهما على أماكن وقصور ومجالس (قاصِراتُ الطَّرْفِ) نساء قصرن أبصارهنّ على أزواجهنّ : لا ينظرن إلى غيرهم. لم يطمث الإنسيات منهنّ أحد من الإنس ، ولا الجنيات أحد من الحن (١) وهذا دليل على أنّ الجن يطمثون كما يطمث الإنس ، وقرئ : لم يطمثهنّ ، بضم الميم. قيل : هنّ في صفاء الياقوت وبياض المرجان وصغار الدر : أنصع بياضا. قيل : إنّ الحوراء تلبس سبعين حلة ، فيرى مخ ساقها من ورائها كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ) في العمل (إِلَّا الْإِحْسانُ) في الثواب. وعن محمد بن الحنفية : هي مسجلة للبر والفاجر. أى : مرسلة ، يعنى : أنّ كل من أحسن أحسن إليه ، وكل من أساء أسيء إليه.
(وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(٦٩)
(وَمِنْ دُونِهِما) ومن دون تينك الجنتين الموعودتين للمقربين (جَنَّتانِ) لمن دونهم من أصحاب اليمين (مُدْهامَّتانِ) قد ادهامّتا من شدّة الخضرة (نَضَّاخَتانِ) فوّارتان بالماء ، والنضخ أكثر من النضح ، لأنّ النضح غير معجمة مثل الرش ، فإن قلت : لم عطف النخل والرمان على الفاكهة وهما منها؟ قلت : اختصاصا لهما وبيانا لفضلهما ، كأنهما لما لهما من المزية جنسان آخران ، كقوله تعالى (وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) أو لأن النخل ثمره فاكهة وطعام ، والرمان فاكهة ودواء ، فلم يخلصا للتفكه. ومنه قال أبو حنيفة رحمه الله : إذا حلف لا يأكل فاكهة فأكل رمانا أو رطبا : لم يحنث ، وخالفه صاحباه.
(فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧١) حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ
__________________
(١) قال محمود : «لم يطمث الانسية إنسى ولا الجنية جنى ... الخ» قال أحمد : بشير إلى الرد على من زعم أن الجن المؤمنين لا ثواب لهم وإنما جزاؤهم ترك العقوبة وجعلهم ترابا