أقبلت العير استقبلوها بالطبل والتصفيق ، فهو المراد باللهو : وعن قتادة : فعلوا ذلك ثلاث مرات في كل مقدم عير. فإن قلت : فإن اتفق تفرق الناس عن الإمام في صلاة الجمعة كيف يصنع؟ قلت : إن بقي وحده أو مع أقل من ثلاثة ، فعند أبى حنيفة : يستأنف الظهر إذا نفروا عنه قبل الركوع. وعند صاحبيه : إذا كبر وهم معه مضى فيها. وعند زفر : إذا نفروا قبل التشهد بطلت. فإن قلت : كيف قال (إِلَيْها) وقد ذكر شيئين؟ قلت : تقديره إذا رأوا تجارة انفضوا إليها ، أو لهوا انفضوا إليه : فحذف أحدهما لدلالة المذكور عليه ، وكذلك قراءة من قرأ : انفضوا إليه. وقراءة من قرأ : لهوا أو تجارة انفضوا إليها. وقرئ : إليهما.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ سورة الجمعة أعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من أتى الجمعة وبعدد من لم يأتها في أمصار المسلمين» (١).
__________________
قدم دحية بن خليفة بتجارة زبيب من الشام والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة. فلما رأوه قاموا خشية أن يسبقوا إليه فنزلت (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً ـ) الآية وروى البزار من طريق عكرمة عن ابن عباس قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ، فجاء دحية يبيع سلعة فما بقي في المسجد أحد إلا خرج ـ إلا نفر ـ والنبي صلى الله عليه وسلم قائم فنزلت. وأصل هذه القصة في الصحيحين من رواية حصين عن سالم بن أبى الجعد عن جابر قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائما يوم الجمعة فجاءت عير من الشام فانفتل الناس حتى لم يبق إلا اثنى عشر رجلا فأنزلت» وفي لفظ مسلم «منهم أبو بكر وعمر» وفي رواية له «أنا فيهم» وفي رواية البخاري «بينما نحن نصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت عير» قال البيهقي : المراد بقوله نصلى أى نسمع الخطبة ، جمعا بين الروايتين انتهى. وقد أخرجه ابن حبان من رواية أبى سفيان عن جابر كذلك. ولفظه «بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة. فقدمت عير من الشام إلى المدينة فابتدرها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى لم يبق معه إلا اثنى عشر رجلا ـ الحديث» ويؤيده حديث كعب بن عجرة عند مسلم «أنه أنكر على عبد الرحمن بن أم الحكم أن يخطب قاعدا. فقال : انظروا إلى هذا يخطب قاعدا. والله يقول : وتركوك قائما» ويدل أيضا على أنه كان في الخطبة ما رواه أبو داود في المراسيل من رواية بكر بن معروف عن مقاتل بن حيان قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى يوم الجمعة قبل الخطبة حتى إذا كان ذات يوم وهو يخطب وقد صلى الجمعة فدخل رجل فقال : إن دحية قد قدم. وكان إذا قدم تلقوه بالدفاف فخرج الناس ، لم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الخطبة شيء فأنزل الله الآية. فقدم النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة يوم الجمعة «وأخر الصلاة» «تنبيه» لم أقف على رواية أنهم كانوا ثمانية ولا أحد عشر ، وأما رواية اثنى عشر فهي المشهورة الصحيحة. ورواية الأربعين أخرجها الدارقطني من طريق على بن عاصم عن حصين : وقال : لم يقل أحد من أصحاب حصين أربعون إلا على بن عاصم. والكل قالوا : اثنى عشر رجلا. وكذلك قال أبو سفيان عن جابر كما تقدم عند ابن حبان.
(١) أخرجه الثعلبي وابن مردويه والواحدي بأسانيدهم إلى أبى بن كعب رضى الله عنه.