لئن لم تقرّ لله ورسوله بالعز لأضر بن عنقك ، فقال : ويحك ، أفاعل أنت؟ قال : نعم. فلما رأى منه الجدّ قال : أشهد أنّ العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، فقال رسول الله لابنه : جزاك الله عن رسوله وعن المؤمنين خيرا (١) ، فلما بان كذب عبد الله قيل له : قد نزلت فيك آي شداد ، فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك ، فلوى رأسه ثم قال : أمرتموني أن أو من فآمنت ، وأمرتموني أن أزكى مالى فزكيت ، فما بقي إلا أن أسجد لمحمد ، فنزلت (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ) ولم يلبث إلا أياما قلائل حتى اشتكى ومات (٢) (سَواءٌ عَلَيْهِمْ) الاستغفار وعدمه ، لأنهم لا يلتفتون إليه ولا يعتدون به لكفرهم. أو لأن الله لا يغفر لهم. وقرئ : استغفرت ، على حذف حرف الاستفهام ؛ لأنّ «أم» المعادلة تدل عليه. وقرأ أبو جعفر : آستغفرت ، إشباعا لهمزة الاستفهام للإظهار والبيان ، لا قلبا لهمزة الوصل ألفا ، كما في : آلسحر ، وآلله (يَنْفَضُّوا) يتفرقوا. وقرئ : ينفضوا ، من انفض القوم إذا فنيت أزوادهم. وحقيقته : حان لهم أن ينفضوا مزاودهم (وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وبيده الأرزاق والقسم ، وفهو رازقهم منها ، وإن أبى أهل المدينة أن ينفقوا عليهم ، ولكن عبد الله وأضرابه جاهلون (لا يَفْقَهُونَ) ذلك فيهذون بما يزين لهم الشيطان. وقرئ : ليخرجنّ الأعز منها الأذل بفتح الياء. وليخرجنّ ، على البناء للمفعول. قرأ الحسن وابن أبى عبلة : لنخرجنّ ، بالنون ونصب الأعز والأذل. ومعناه : خروج الأذل. أو إخراج الأذل. أو مثل الأذل (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ) الغلبة والقوّة ، ولمن أعزه الله وأيده من رسوله ومن المؤمنين ، وهم الأخصاء بذلك ، كما أنّ المذلة والهوان للشيطان وذويه من الكافرين والمنافقين. وعن بعض الصالحات ـ وكانت في هيئة رثة ـ ألست على الإسلام؟ وهو العز الذي لا ذل معه ، والغنى الذي لا فقر معه. وعن الحسن بن على رضى الله عنهما : أنّ رجلا قال له. إنّ الناس يزعمون أنّ فيك تيها ، قال : ليس بتيه ، ولكنه عزة ، وتلا هذه الآية.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ)(٩)
__________________
غير عمر وقال له ابنه عبد الله بن عبد الله «والله لا تنفلت حتى تقول إنك الذليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز ففعل» قلت : وأصل حديث جابر في الصحيح.
(١) هكذا أورده الثعلبي موصولا بالحديث الذي قبله.
(٢) ذكره الثعلبي موصولا بالذي قبله. وأخرجه الطبري من رواية إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن بشر بن مسلم «أنه قيل لعبد الله بن أبى : يا أبا الحباب : إنه أنزل آي شداد ، فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فذكره أخصر منه.