الجنة لو أحسن ، ليزداد حسرة» (١) ومعنى (ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) ـ وقد يتغابن الناس في غير ذلك اليوم ـ : استعظام له وأن تغابنه هو التغابن في الحقيقة ، لا التغابن في أمور الدنيا وإن جلت وعظمت (صالِحاً) صفة للمصدر ، أى : عملا صالحا.
(ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(١١)
(إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) إلا بتقديره ومشيئته ، كأنه أذن للمصيبة أن تصيبه (يَهْدِ قَلْبَهُ) يلطف به ويشرحه للازدياد من الطاعة والخير. وقيل : هو الاسترجاع عند المصيبة. وعن الضحاك : يهد قلبه حتى يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطنه. وما أخطأه لم يكن ليصيبه. وعن مجاهد : إن ابتلى صبر ، وإن أعطى شكر ، وإن ظلم غفر. وقرئ. يهد قلبه ، على البناء للمفعول ، والقلب : مرفوع أو منصوب. ووجه النصب : أن يكون مثل سفه نفسه ، أى : يهد في قلبه. ويجوز أن يكون المعنى : أنّ الكافر ضال عن قلبه بعيد منه ، والمؤمن واجد له مهتد إليه ، كقوله تعالى (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) وقرئ : نهد قلبه ، بالنون. ويهد قلبه ، بمعنى : يهتد. ويهدأ قلبه : يطمئن. ويهد. ويهدا على التخفيف (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) يعلم ما يؤثر فيه اللطف من القلوب مما لا يؤثر فيه فيمنحه ويمنعه.
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٢) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)(١٣)
(فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) فلا عليه إذا توليتم ، لأنه لم يكتب عليه طاعتكم ، إنما كتب عليه أن يبلغ ويبين فحسب (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) بعث لرسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم على التوكل عليه والتقوّى به في أمره ، حتى ينصره على من كذبه وتولى عنه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)(١٥)
__________________
(١) رواه البخاري من رواية الأعرج عن أبى هريرة : وفي المتفق عليه من حديث أنس في قصة المؤمن ، فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة. قال نبى الله : فيراهما جميعا ، ولها عن ابن عمر «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى ـ الحديث».