وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (٦) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً)(٧)
(أَسْكِنُوهُنَ) وما بعده : بيان لما شرط من التقوى في قوله (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) كأنه قيل : كيف نعمل بالتقوى في شأن المعتدات؟ فقيل : أسكنوهن. فإن قلت : من في (مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ) ما هي؟ قلت : هي من التبعيضية مبعضها محذوف (١) معناه : أسكنوهن مكانا من حيث سكنتم ، أى بعض مكان سكناكم ، كقوله تعالى (يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) أى بعض أبصارهم. قال قتادة : إن لم يكن إلا بيت واحد ، فأسكنها في بعض جوانبه. فإن قلت : فقوله (مِنْ وُجْدِكُمْ)؟ (٢) قلت : هو عطف بيان لقوله (مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ) وتفسير له ، كأنه قيل : أسكنوهن مكانا من مسكنكم مما تطيقونه. والوجد : الوسع والطاقة. وقرئ بالحركات الثلاث. والكنى والنفقة : واجبتان لكل مطلقة. وعند مالك والشافعي : ليس للمبتوتة إلا السكنى ولا نفقة لها. وعن الحسن وحماد : لا نفقة لها ولا سكنى ، لحديث فاطمة بنت قيس : أن زوجها أبت طلاقها (٣) ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا سكنى لك ولا نفقه (٤). وعن عمر رضى الله عنه : لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لعلها نسيت أو شبه لها : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «لها السكنى والنفقة» (٥) (وَلا تُضآرُّوهُنَ) ولا تستعملوا معهن الضرار (لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَ) في المسكن ببعض الأسباب : من إنزال من لا يوافقهن ، أو يشغل مكانهن ، أو غير ، ذلك ، حتى تضطروهن إلى الخروج. وقيل : هو أن يراجعها إذا بقي من عدتها يومان ليضيق
__________________
(١) قوله «مبعضها محذوف معناه» قد يقال : مبعضها هو مدخولها ، وهو (حَيْثُ سَكَنْتُمْ) بمعنى مكان سكناهم فلا حذف ، إلا أن يراد بمبعضها البعض المدلول عليه بها. (ع)
(٢) قوله «فان قلت فقوله من وجدكم» لعل عقبه سقطا تقديره. ما موقعه؟ (ع)
(٣) قوله «أن زوجها أبت طلاقها» لعله «بت» كما في النسفي. (ع)
(٤) أخرجه مسلم من طرق عنها. وفي رواية «فلم يجعل لها سكنى ولا نفقة» وفي رواية «لا نفقة لك ولا سكنى» وفي رواية «طلقني زوجي ثلاثا».
(٥) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي من طريق أبى إسحاق قال «كنت مع الأسود ومعنا الشعبي في المسجد إذ حدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس. فأخذ الأسود كفا من حصا فحصبه به وقال : يا ويلك تحدث بمثل هذا؟ قال عمر : لا نترك كتاب ربنا وسغة نبينا لقول امرأة لعلها حفظت أو نسيت.