رفعا على الذم وهذه القراءة تقوية لما يدل عليه بعد ذلك. والزنيم : من الزنمة وهي الهنة من جلد الماعزة تقطع فتخلى معلقة في حلقها ، لأنه زيادة معلقة بغير أهله (أَنْ كانَ ذا مالٍ) متعلق بقوله (وَلا تُطِعْ) يعنى ولا تطعه مع هذه المثالب ، لأن كان ذا مال. أى : ليساره وحظه من الدنيا. ويجوز أن يتعلق بما بعده على معنى : لكونه متمولا مستظهرا بالبنين كذب آياتنا (١) ولا يعمل فيه (قالَ) الذي هو جواب إذا ، لأن ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله ، ولكن ما دلت عليه الجملة من معنى التكذيب. وقرئ : أأن كان؟ على الاستفهام على : إلا لأن كان ذا مال وبنين ، كذب. أو أتطيعه لأن كان ذا مال. وروى الزبيري عن نافع : إن كان ، بالكسر والشرط للمخاطب ، أى : لا تطع كل حلاف شارطا يساره ، لأنه إذا أطاع الكافر لغناه فكأنه اشترط في الطاعة الغنى ، ونحو صرف الشرط إلى المخاطب صرف الترجي إليه في قوله تعالى (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ) الوجه : أكرم موضع في الجسد ، والأنف أكرم موضع من الوجه لتقدمه له ، ولذلك جعلوه مكان العز والحمية ، واشتقوا منه الأنفة. وقالوا الأنف في الأنف ، وحمى أنفه ، وفلان شامخ العرنين. وقالوا في الذليل : جدع أنفه ، ورغم أنفه ، فعبر بالوسم على الخرطوم عن غاية الإذلال والإهانة ، لأن السمة على الوجه شين وإذالة ، (٢) فكيف بها على أكرم موضع منه ، ولقد وسم العباس أباعر (٣) في وجوهها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «أكرموا الوجوه» (٤) فوسمها في جواعرها (٥) وفي لفظ الخرطوم : استخفاف به واستهانة. وقيل معناه : سنعلمه يوم القيامة بعلامة مشوهة يبين بها عن سائر الكفرة ، كما
__________________
ـ مجاهد عن مجاهد عن محمد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة بلفظ «لا يدخل الجنة ولد زنا. ولا شيء من نسله إلى سبعة آباء» وإبراهيم فيه ضعف. ورواه أيضا من رواية يزيد بن أبى زياد عن مجاهد عن أبى سعيد نحو حديث منصور الآتي. ويزيد ضعيف وروى النسائي أيضا من رواية شعبة عن منصور عن سالم بن أبى الجعد عن عبد الله بن شريك عن جابان عن عبد الله بن عمر بلفظ «لا يدخل ولد زانية الجنة» ومن رواية سفيان عن منصور بإسقاط عبد الله بن شريك. وأخرجه ابن حبان من الوجهين. وقال الطريقان محفوظان. إلا أن الثوري أعرف بحديث ملو.
(١) قوله «كذب آياتنا» عبارة النسفي : كذب بآياتنا. (ع)
(٢) قوله «وإذالة» في القاموس «أذلته» أهنته اه. (ع)
(٣) قوله «أباعر» لعله أباعره بالاضافة إلى الضمير ، لأن الجمع أبعرة وأباعر ، كما في الصحاح. (ع)
(٤) لم أره هكذا. وفي ابن حبان من حديث ابن عباس «أن العباس وسم بعيرا له. ودابة في وجهها فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فغضب : فقال العباس : لا أسمه إلا في آخره فوسمه في جاعرتيه» وأصله في مسلم بلفظ «رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا موسوم الوجه ، فأنكر ذلك فقال الرجل : والله لا أسمه إلا في أقصى شيء من الوجه. فأمر بحمار له فكوى في جاعرتيه. فهو أول من كوى في الجاعرتين ، زاد الطبراني «وكان الرجل الذي كوى : العباس بن عبد المطلب»
(٥) قوله «فوسمها في جواعرها» الجاعرة : ما حول الدبر ـ أفاده الصحاح. (ع)