التقوّل : افتعال القول (١) ، كأن فيه تكلفا من المفتعل. وسمى الأقوال المتقولة «أقاويل» تصغيرا بها وتحقيرا ، كقولك : الأعاجيب والأضاحيك ، كأنها جمع أفعولة من القول. والمعنى : ولو ادعى علينا شيئا لم نقله لقتلناه صبرا ، كما يفعل الملوك بمن يتكذب عليهم معاجلة بالسخط والانتقام ، فصوّر قتل الصبر بصورته ليكون أهول : وهو أن يؤخذ بيده وتضرب رقبته. وخص اليمين عن اليسار لأن القتال إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاه أخذ بيساره ، وإذا أراد أن يوقعه في جيده وأن يكفحه بالسيف ، وهو أشد على المصبور لنظره إلى السيف أخذ بيمينه. ومعنى (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) لأخذنا بيمينه ، كما أن قوله (لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) لقطعنا وتينه ، وهذا بين. والوتين : نياط القلب وهو حبل الوريد : إذا قطع مات صاحبه. وقرئ : ولو تقول على البناء للمفعول. قيل (حاجِزِينَ) في وصف أحد ، لأنه في معنى الجماعة ، وهو اسم يقع في النفي العام مستويا فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث. ومنه قوله تعالى (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) ، (لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) والضمير في عنه للقتل ، أى : لا يقدر أحد منكم أن يحجزه عن ذلك ويدفعه عنه. أو لرسول الله ، أى : لا تقدرون أن تحجزوا عنه القاتل وتحولوا بينه وبينه ، والخطاب للناس ، وكذلك في قوله تعالى (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ) وهو إيعاد على التكذيب. وقيل الخطاب للمسلمين. والمعنى : أن منهم ناسا سيكفرون بالقرآن (وَإِنَّهُ) الضمير للقرآن (لَحَسْرَةٌ) على الكافرين به المكذبين له إذا رأوا ثواب المصدقين به. أو للتكذيب ، وأن القرآن اليقين حق اليقين ، كقولك : هو العالم حق العالم ، وجدّ العالم. والمعنى : لعين اليقين ، ومحض اليقين (فَسَبِّحْ) الله بذكر اسمه العظيم وهو قوله : سبحان الله ، واعبده شكرا على ما أهلك له من إيحائه إليك.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ سورة الحاقة حاسبه الله حسابا يسيرا»(٢).
__________________
(١) قال محمود : «التقول : افتعال من القول ، لأن فيه تكلفا ... الخ» قال أحمد : وبناء أقعولة من القول ، وهو معتل ، كما ترى غيب عن القياس التصريفى. ويحتمل أن تكون الأقاويل جمع الجمع ، كالأناعيم : جمع أقوال وأنعام ، وهو الظاهر ، والله أعلم.
(٢) أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه بالسند إلى أبى بن كعب.