القائم لسانه : إن أردت القيام أو العبادة أو الساعات. أو أشدّ موافقة لما يراد من الخشوع والإخلاص. وعن الحسن : أشدّ موافقة بين السر والعلانية ، لانقطاع رؤية الخلائق. وقرئ : أشدّ وطأ بالفتح والكسر. والمعنى : أشد ثبات قدم وأبعد من الزلل. أو أثقل وأغلظ على المصلى من صلاة النهار ، من قوله عليه السلام «اللهم اشدد وطأتك على مضر» (١) (وَأَقْوَمُ قِيلاً) وأسد مقالا وأثبت قراءة لهدوّ الأصوات. وعن أنس رضى الله عنه أنه قرأ : وأصوب قيلا ، فقيل له : يا أبا حمزة ، إنما هي : وأقوم ، فقال : إنّ أقوم وأصوب وأهيأ واحد. وروى أبو زيد الأنصارى عن أبى سرار الغنوي أنه كان يقرأ : فحاسوا ، محاء غير معجمة ، فقيل له : إنما هو (فَجاسُوا) بالجيم ، فقال : وجاسوا وحاسوا واحد.
(إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً)(٧)
(سَبْحاً) تصرفا وتقلبا في مهماتك وشواغلك ، ولا تفرغ إلا بالليل ، فعليك بمناجاة الله التي تقتضي فراغ البال وانتفاء الشواغل. وأما القراءة بالخاء. فاستعارة من سبخ الصوف : وهو نفشه ونشر أجزائه ، لانتشار الهم وتفرّق القلب بالشواغل : كلفه قيام الليل ، ثم ذكر الحكمة فيما كلفه منه : وهو أن الليل أعون على المواطأة وأشد للقراءة ، لهدوّ الرجل وخفوت الصوت : وأنه أجمع للقلب وأضم لنشر الهم من النهار ، لأنه وقت تفرق الهموم وتوزع الخواطر والتقلب في حوائج المعاش والمعاد. وقيل : فراغا وسعة لنومك وتصرفك في حوائجك. وقيل : إن فاتك من الليل شيء فلك في النهار فراغ تقدر على تداركه فيه.
(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (٨) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً (٩) وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً)(١٠)
(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) ودم على ذكره في ليلك ونهارك ، واحرص عليه. وذكر الله يتناول كل ما كان من ذكر طيب : تسبيح ، وتهليل ، وتكبير ، وتمجيد ، وتوحيد ، وصلاة ، وتلاوة قرآن ، ودراسة علم ، وغير ذلك مما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغرق به ساعة ليله ونهاره (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ) وانقطع إليه. فإن قلت : كيف قيل (تَبْتِيلاً) مكان تبتلا؟ قلت : لأن معنى تبتل بتل نفسه ، فجيء به على معناه مراعاة لحق الفواصل (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) قرئ مرفوعا على المدح ، ومجرورا على البدل من ربك. وعن ابن عباس : على القسم بإضمار حرف
__________________
(١) متفق عليه من حديث أبى هريرة ، وقد تقدم في الأنبياء.