القسم ، كقولك : الله لأفعلنّ ، وجوابه (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) كما تقول : والله لا أحد في الدار إلا زيد. وقرأ ابن عباس : رب المشارق والمغارب (فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) مسبب على التهليلة ، لأنه هو وحده هو الذي (١) يجب لتوحده بالربوبية أن توكل إليه الأمور. وقيل (وَكِيلاً) : كفيلا بما وعدك من النصر والإظهار. الهجر الجميل : أن يجانبهم بقلبه وهواه ، ويخالفهم مع حسن المخالقة والمداراة والإغضاء وترك المكافأة. وعن أبى الدرداء رضى الله عنه: إنا لنكشر في وجوه قوم ونضحك إليهم ، وإن قلوبنا لتقليهم (٢). وقيل : هو منسوخ بآية السيف.
(وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (١١) إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً (١٢) وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً (١٣) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً)(١٤)
إذا عرف الرجل من صاحبه أنه مستهم بخطب يريد أن يكفاه ، أو بعدوّ يشتهى أن ينتقم له منه وهو مضطلع بذلك مقتدر عليه قال : ذرني وإياه ، أى : لا تحتاج إلى الظفر (٣) بمرادك ومشتهاك ، إلا أن تخلى بيني وبينه بأن تكل أمره إلىّ وتستكفينيه ، فإنّ فىّ ما يفرغ بالك ويجلى همك ، وليس ثم منع حتى يطلب إليه أن يذره وإياه إلا ترك الاستكفاء والتفويض ، كأنه إذا لم يكل أمره إليه ، فكأنه منعه منه ، فإذا وكله إليه فقد أزال المنع وتركه وإياه ، وفيه دليل على الوثوق بأنه يتمكن من الوفاء بأقصى ما تدور حوله أمنية المخاطب وبما يزيد عليه. النعمة ـ بالفتح ـ التنعم ، وبالكسر : الإنعام ، وبالضم : المسرة ، يقال : نعم ، ونعمة عين ، وهم صناديد قريش ، وكانوا أهل تنعم وترفه (إِنَّ لَدَيْنا) ما يضاد تنعمهم من أنكال : وهي القيود الثقال : عن الشعبي ، إذا ارتفعوا استقلت بهم. الواحد : نكل ونكل. ومن جحيم : وهي النار الشديدة الحر والاتقاد. ومن طعام ذى غصة وهو الذي ينشب في الحلوق فلا يساغ يعنى الضريع وشجر الزقوم. ومن عذاب أليم من سائر العذاب فلا ترى موكولا إليه أمرهم موذورا بينه وبينهم ينتقم منهم بمثل ذلك الانتقام. وروى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية فصعق (٤). وعن
__________________
(١) قوله «هو الذي» لعله «الذي» بدون : هو. (ع)
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه تعليقا في الأدب : ويذكر عن أبى الدرداء. ووصله البيهقي في الشعب في السادس والخميسين من طريق أبى الأحوص يعنى ولد أحوص بن حكم عن أبى الزهراء قال قال أبو الدرداء. ورواه أبو نعيم في الحلية في ترجمة أبى الدرداء من طريق سفيان عن خلف بن حوشب قال قال أبو الدرداء مثل رواية البيهقي.
(٣) قوله «لا تحتاج إلى الظفر» لعله : في الظفر. (ع)
(٤) أخرجه أحمد في الزهد والطبري من طريق وكيع عن حمزة الزيات عن حمران بن أعين «أن النبي صلى الله ـ