من عمار وصهيب وخباب وبلال وغيرهم من فقراء المؤمنين ويستهزؤن بهم. وقيل : جاء على ابن أبى طالب رضى الله عنه في نفر من المسلمين فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا ، ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا : رأينا اليوم الأصلع فضحكوا منه ، فنزلت قبل أن يصل علىّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (يَتَغامَزُونَ) يغمز بعضهم بعضا ، ويشيرون بأعينهم (فَكِهِينَ) ملتذين بذكرهم والسخرية منهم ، أى : ينسبون المسلمين إلى الضلال (وَما أُرْسِلُوا) على المسلمين (حافِظِينَ) موكلين بهم يحفظون عليهم أحوالهم ، ويهيمنون على أعمالهم ، ويشهدون برشدهم وضلالهم ، وهداتهكم بهم. أو هو من جملة قول الكفار ، وإنهم إذا رأوا المسلمين قالوا : إنّ هؤلاء لضالون ، وإنهم لم يرسلوا عليهم حافظين إنكارا لصدّهم إياهم عن الشرك ، ودعائهم إلى الإسلام ، وجدّهم في ذلك.
(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ)(٣٦)
(عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) حال من (يَضْحَكُونَ) أى : يضحكون منهم ناظرين إليهم وإلى ما هم فيه من الهوان والصغار بعد العزة والكبر. ومن ألوان العذاب بعد النعيم والترفه : وهم على الأرائك آمنون. وقيل : يفتح للكفار باب إلى الجنة فيقال لهم : اخرجوا إليها ، فإذا وصلوا إليها أغلق دونهم ، يفعل ذلك بهم مرارا ، فيضحك المؤمنون منهم. ثوّبه وأثابه : بمعنى ، إذا جازاه. قال أوس :
سأجزيك أو يجزيك عنّى مثوّب |
|
وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي (١) |
وقرئ بإدغام اللام في التاء.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ سورة المطففين سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة (٢)».
__________________
(١) لأوس بن حجر. ويقال : ثوبه وأثابه : إذا جازاه. فالمثوب المجازى أى : سأجزيك يا فرسي بنفسي ، أو يجزيك بدلا عنى مجاز غيرى. أو مجازاة ناشئة عنى ، وكافيك من الناس أن يثنوا عليك ويحمدوك ، فعليك : نائب الفاعل. ويجوز أن يكون المثوب المنادى للحرب مشيرا بطرف ثوبه ، ليرى من بعيد فيغاث.
(٢) أخرجه ابن مردويه والثعلبي والواحدي سندهم إلى أبى بن كعب.