(يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ) وقيل : النار ، من قوله (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) ، (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ يَوْمَئِذٍ) يوم إذ غشيت (خاشِعَةٌ) ذليلة (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) تعمل في النار عملا تتعب فيه ، وهو جرها السلاسل والأغلال (١) ، وخوضها في النار كما تخوض الإبل في الوحل ، وارتقاؤها دائبة في صعود من نار ، وهبوطها في حدور منها. وقيل : عملت في الدنيا أعمال السوء والتذت بها وتنعمت ، فهي في نصب منها في الآخرة. وقيل : عملت ونصبت في أعمال لا تجدى عليها في الآخرة. من قوله (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ) ، (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) وقيل : هم أصحاب الصوامع. ومعناه : أنها خشعت لله وعملت ونصبت في أعمالها من الصوم الدائب ، (٢) والتهجد الواصب. وقرئ : عاملة ناصبة على الشتم. قرئ : تصلى بفتح التاء. وتصلى بضمها. وتصلى بالتشديد. وقيل : المصلى عند العرب : أن يحفروا حفيرا فيجمعوا فيه جمرا كثيرا ، ثم يعمدوا إلى شاة فيدسوها وسطه ، فأما ما يشوى فوق الجمر أو على المقلى أو في التنور ، فلا يسمى مصليا (آنِيَةٍ) متناهية في الحرّ ، كقوله (وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ). الضريع. يبيس الشبرق ، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا (٣) ، فإذا يبس تحامته الإبل وهو سم قاتل. قال أبو ذؤيب :
رعى الشيرق الرّيّان حتّى إذا ذوى |
|
وعاد ضريعا بان عنه النّحائص (٤) |
وقال :
وحبسن في هزم الضّريع فكلّها |
|
حدباء دامية اليدين حرود (٥) |
__________________
(١) قال محمود : «ذليلة تعمل في النار عملا تنصب منه وهو جرها السلاسل ... الخ» قال أحمد : الوجه الأول متعين لأن الظرف المذكور وهو قوله (يَوْمَئِذٍ) مقطوع عن الجملة المضاف إليها ، تقديرها : يوم إذ عشيت ، وذلك في الآخرة بلا إشكال ، وهو ظرف لجميع الصفات المخبر بها ، أعنى : خاشعة عاملة ناصبة ، فكيف يتناول أعمال الدنيا.
(٢) قوله «من الصوم الدائب ، الدائب والواصب كلاهما بمعنى الدائم. (ع)
(٣) قال محمود : «الضريع : يبيس الشبرق ، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا ... الخ» قال أحمد : فعلى الوجه الأول يكون صفة مخصصة لازمة. ذكرت شارحة لحقيقة الضريع. وعلى الثاني : تكون صفة مخصصة.
(٤) أى : رعى البعير الشبرق الريان ، أى : الشوك الرطب. وذوى يذوى ذويا : ذبل ذبولا. وذوى كرضى أنكرها الجوهري ، وأثبتها أبو عبيدة ، أى : حتى إذا جف وصار ضريعا يابسا يتفتت بان عنه ، أى : بعد عنه النحائص : جمع نحوص وهي الناقة الحائل ، لعلها أنه لا يسمن ولا يغنى من جوع.
(٥) لقيس بن عيزارة ، وهزمه ـ بالزاي ـ : صدعه «ومنه : الهزم ، أى : المنكسر. وناقة هزماء : بدا عظم وركيها من الهزال. وأما الهرم بالراء فهو الحمض ، وبعير عارم : يرعى الحمض. والضريع : نبت سيئ ـ