كقوله (عَلِمَتْ نَفْسٌ). (مَرْفُوعَةٌ) من رفعة المقدار أو السمك ، ليرى المؤمن بجلوسه عليه جميع ما خوّله ربه من الملك والنعيم. وقيل : مخبوءة لهم ، من رفع الشيء إذا خبأه (مَوْضُوعَةٌ) كلما أرادوها وجدوها موضوعة بين أيديهم عتيدة حاضرة ، لا يحتاجون إلى أن يدعوا بها. أو موضوعة على حافات العيون معدّة للشرب. ويجوز أن يراد : موضوعة عن حد الكبار ، أوساط بين الصغر والكبر ، كقوله (قَدَّرُوها تَقْدِيراً). (مَصْفُوفَةٌ) بعضها إلى جنب بعض. مساند ومطارح ، (١) أينما أراد أن يجلس على مسورة واستند إلى أخرى (وَزَرابِيُ) وبسط عراض فاخرة. وقيل : هي الطنافس التي لها خمل رقيق. جمع زربية (مَبْثُوثَةٌ) مبسوطة. أو مفرقة في المجالس.
(أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠) فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ)(٢٦)
(أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ) نظر اعتبار (كَيْفَ خُلِقَتْ) خلقا عجيبا ، دالا على تقدير مقدر ، شاهدا بتدبير مدبر ، حيث خلقها للنهوض بالأثقال وجرها إلى البلاد الشاحطة (٢) فجعلها تبرك حتى تحمل عن قرب ويسر ، ثم تنهض بما حملت ، وسخرها منقادة لكل من اقتادها بأزمّتها : لا تعاز ضعيفا ولا تمانع صغيرا ، وبرأها طوال الأعناق لتنوء بالأوقار. وعن بعض الحكماء. أنه حدث عن البعير وبديع خلقه ، وقد نشأ في بلاد لا إبل بها ، ففكر ثم قال : يوشك أن تكون طوال الأعناق ، وحين أراد بها أن تكون سفائن البر صبرها على احتمال العطش ، حتى إن أظماءها (٣) لترتفع إلى العشر فصاعدا ، وجعلها ترعى كل شيء نابت في البراري والمفاوز مما لا يرعاه سائر البهائم. وعن سعيد بن جبير قال : لقيت شريحا القاضي فقلت : أين تريد؟ قال :
__________________
(١) قوله «مسائد ومطارح» عبارة النسفي. وسائدة وقوله. على مسوره عبارة النسفي. على موسدة. (ع)
(٢) «قوله إلى البلاد الشاحطة» أى البعيدة. أفاده الصحاح. (ع)
(٣) قوله «حتى إن أظماءها» في الصحاح. «الظمء» ما بين الوردين : وهو حبس الإبل عن الماء إلى غاية الورد ، والجمع : الأظماء. (ع)