ذا مال كالتراب في الكثرة ، كما قيل : أثرى. وعن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (ذا مَتْرَبَةٍ) الذي مأواه المزابل (١) ، ووصف اليوم بذي مسعبة نحو ما يقول النحويون في قولهم : هم ناصب : ذو نصب. وقرأ الحسن : ذا مسغبة نصبه بإطعام. ومعناه : أو إطعام في يوم من الأيام ذا مسغبة.
(ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ)(٢٠)
(ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) جاء بثم لتراخى الإيمان وتباعده في الرتبة والفضيلة عن العتق والصدقة ، لا في الوقت ، لأنّ الإيمان هو السابق المقدّم على غيره ، ولا يثبت عمل صالح إلا به. والمرحمة : الرحمة ، أى : أوصى بعضهم بعضا بالصبر على الإيمان والثبات عليه. أو بالصبر عن المعاصي وعلى الطاعات والمحن التي يبتلى بها المؤمن ، وبأن يكونوا متراحمين متعاطفين. أو بما يؤدى إلى رحمة الله. الميمنة والمشأمة : اليمين والشمال. أو اليمن والشؤم ، أى : الميامين على أنفسهم والمشائيم عليهنّ. قرئ : موصدة ، بالواو والهمزة ، من وصدت الباب وآصدته : إذا أطبقته وأغلقته. وعن أبى بكر بن عياش : لنا إمام يهمز مؤصدة ، فأشتهى أن أسدّ أذنى إذا سمعته.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ لا أقسم بهذا البلد أعطاه الله الأمان من غضبه يوم القيامة» (٢).
__________________
(١) أخرجه ابن مردويه من رواية مجاهد عن عبد الله بن عمر بهذا. وعند الحاكم عن ابن عباس : قال «هو الذي لا يقيه من التراب شيء» موقوف.
(٢) أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه بالسند إلى أبى بن كعب.