وهي ما ينقدح من حوافرها (قَدْحاً) قادحات صاكات بحوافرها الحجارة. والقدح. الصك. والإيراء. إخراج النار. تقول. قدح فأورى ، وقدح فأصلد (١) ، وانتصب قدحا بما انتصب به ضبحا (فَالْمُغِيراتِ) تغير على العدو (صُبْحاً) في وقت الصبح (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) فهيجن بذلك الوقت غبارا (فَوَسَطْنَ بِهِ) بذلك الوقت ، أو بالنقع ، أى وسطن النقع الجمع. أو فوسطن ملتبسات به (جَمْعاً) من جموع الأعداء ، ووسطه بمعنى توسطه. وقيل : الضمير لمكان الغارة. وقيل : للعدو الذي دلّ عليه (وَالْعادِياتِ) ويجوز أن يراد بالنقع : الصياح ، من قوله عليه السلام «ما لم يكن نقع ولا لقلقة (٢)» وقول لبيد:
فمتى ينقع صراخ صادق (٣)
أى : فهيجن في المغار عليهم صياحا وجلبة (٤). وقرأ أبو حيوة : فأثرن بالتشديد ، بمعنى : فأظهرن به غبارا ، لأن التأثير فيه معنى الإظهار. أو قلب ثورن إلى وثرن ، وقلب الواو همزة. وقرئ : فوسطن بالتشديد للتعدية. والباء مزيدة للتوكيد ، كقوله (وَأُتُوا بِهِ) وهي مبالغة في وسطن. وعن ابن عباس : كنت جالسا في الحجر فجاء رجل فسألنى عن (الْعادِياتِ ضَبْحاً) ففسرتها بالخيل ، فذهب إلى علىّ وهو تحت سقاية زمزم فسأله وذكر له ما قلت ، فقال : ادعه لي ، فلما وقفت على رأسه قال : تفتي الناس بما لا علم لك به ، والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر ،
__________________
(١) قوله «فأصلد» في الصحاح : صلد الزند ، إذا صوت ولم يخرج ثارا ، وأصلد الرجل : أى صلد زنده اه. (ع)
(٢) لم أجده مرفوعا. وإنما ذكره البخاري في الجنائز تعليقا عن عمر. قال «دعهن يبكين على أبى سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة» قال : والنقع التراب على الرأس واللقلقة الصوت. ووصله عبد الرزاق والحاكم وابن سعد وأبو عبيد والحربي في الغريب كلهم من طريق الأعمش عن أبى وائل قال «وقيل لعمر : إن نسوة من بنى المغيرة قد اجتمعن في دار خالد بن الوليد يبكين عليه. وإنا نكره أن يؤذينك. فلو نهيتهن فقال : ما عليهن أن يهرقن من دموعهن على أبى سليمان ـ سجلا أو سجلين ما لم يكن نقع أو لقلقة» وفي رواية ابن سعد قال : وكيع : النقع الشق. واللقلقة الصوت. وقال بعضهم : رفع التراب على الرأس وشق الجيوب. وأما اللقلقة فهي شدة الصوت.
ولم أسمع فيه خلافا. وقال الحربي عن الأصمعي. النقع الصياح. وعن أبى سلمة هو وضع التراب على الرأس.
(٣) فمتى ينقع صراخ صادق |
|
جلبوه ذات جرس وزجل |
للبيد بن ربيعة. وجلب على فرسه وأجلب : إذا صاح به وحثه على السبق. وجلب بالتشديد ـ : صوت. والجرس الصوت الخفي. والزجل : صوت كدوي النحل. يقول : فمنى يرتفع صراخ للحرب صادق صرخوه ذات جرس ، أى : كتيبة ذات جرس ، وهو بدل من فاعل جلبوه. أو جاء على لغة أكلونى البراغيث. والمعنى : أن الصوت المنخفض ملازم لها ، بخلاف المرتفع. ويجوز أن «جلبوه» جواب الشرط. ويجوز أنه صفة صراخ ، وجواب الشرط فيما بعده ، وهو أقرب من الأول.
(٤) قوله «صباحا وجلبة» في الصحاح : الجلب والجلبة : الأصوات. (ع)