بعد ما كانوا يدخلون فيه واحدا واحدا واثنين اثنين. وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه أنه بكى ذات يوم ، فقيل له (١). فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «دخل الناس في دين الله أفواجا وسيخرجون منه أفواجا (٢)» وقيل : أراد بالناس أهل اليمن. قال أبو هريرة : لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الله أكبر جاء نصر الله والفتح ، وجاء أهل اليمن : قوم رقيقة قلوبهم ، الإيمان يمان ، والفقه يمان ، والحكمة يمانية» (٣)» وقال أجد نفير ربكم من قبل اليمن» (٤) وعن الحسن : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أقبلت العرب بعضها على بعض ، فقالوا : أما إذ ظفر بأهل الحرم فليس به يدان ، وقد كان الله أجارهم من أصحاب الفيل وعن كل من أرادهم ، فكانوا يدخلون في الإسلام أفواجا من غير قتال. وقرأ ابن عباس : فتح الله والنصر : وقرئ : يدخلون ، على البناء للمفعول. فإن قلت : ما محل يدخلون؟ قلت : النصب إما على الحال ، على أن رأيت بمعنى أبصرت أو عرفت. أو هو مفعول ثان على أنه بمعنى علمت (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) فقل سبحان الله : حامدا له ، أى : فتعجب لتيسير الله ما لم يخطر ببالك وبال أحد من أن يغلب أحد على أهل الحرم ، واحمده على صنعه. أو : فاذكره مسبحا حامدا ، زيادة في عبادته والثناء عليه ، لزيادة إنعامه عليك. أو فصل له. روت أمّ هانئ : أنه لما فتح باب الكعبة صلى صلاة الضحى ثماني ركعات (٥) وعن عائشة : كان عليه الصلاة والسلام يكثر قبل موته أن يقول : «سبحانك اللهم وبحمدك ، أستغفرك وأتوب إليك» (٦) والأمر بالاستغفار مع التسبيح تكميل للأمر بما هو قوام أمر الدين : من الجمع بين الطاعة والاحتراس
__________________
(١) قوله «فقيل له» لعله : فقيل له في ذلك. (ع)
(٢) أخرجه أحمد وإسحاق وابن مردويه والثعلبي من رواية الأوزاعي : حدثني أبو عمار حدثني جار لجابر ابن عبد الله قال «قدمت من سفر فجاءني جابر بن عبد الله فسلم علىّ فجعلت أحدثه عن افتراق الناس وما أحدثوا. فجعل يبكى. ثم قال : سمعت ـ فذكره» وله شاهد عن أبى هريرة في العين من المستدرك.
(٣) أخرجه ابن مردويه من طريق عبد الرازق أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عنه. وأصله في مسلم دون ما في أوله. وله شاهد في ابن حبان والنسائي من حديث ابن عباس رضى الله عنهما.
(٤) أخرجه الطبراني في الأوسط ومسند الشاميين من طريق جرير بن عثمان عن شبيب بن روح عن أبى هريرة به في حديث أوله «الايمان يمان» ولا بأس بإسناده. وله شاهد من حديث سلمة بن نفيل السكوني في مسند البزار والطبراني الكبير والبيهقي في الأسماء. وفي إسناده إبراهيم بن سليمان الأفطس. قال البزار : إنه غير مشهور.
(٥) لم أجده هكذا : فان ظاهره يوهم أنه صلاها داخل الكعبة وفي الصحيحين من حديث أم هانئ «أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة اغتسل في بيتها وصلى ثمان ركعات» ورواه أبو داود بلفظ «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى سبحة الضحى ثماني ركعات يسلم في كل ركعتين» إسناده صحيح ، وأخرجه أحمد وابن أبى شيبة والطبراني وابن حبان وأبو يعلى والبيهقي والحاكم والطبري من طرق كثيرة تزيد على ثلاثين وجها ، لم يذكر أحد منهم هذه الزيادة.
(٦) متفق عليه واللفظ لمسلم.