ومسد أمرّ من أيانق (١)
ورجل ممسود الخلق مجدوله. والمعنى : في جيدها حبل مما مسد من الحبال ، وأنها تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها في جيدها كما يفعل الحطابون : تخسيسا لحالها ، وتحقيرا لها ، وتصويرا لها بصورة بعض الحطابات من المواهن ، لتمتعض (٢) من ذلك ويمتعض بعلها ، وهما في بيت العز والشرف. وفي منصب الثروة والجدة. ولقد عير بعض الناس الفضل بن العباس ابن عتبة ابن أبى لهب بحمالة الحطب ، فقال :
ما ذا أردت إلى شتمي ومنقصتي |
|
أم ما تعيّر من حمّالة الحطب |
غرّاء شادخة في المجد غرّتها |
|
كانت سليلة شيخ ناقب الحسب (٣) |
__________________
(١) إن سرك الارواء غير سائق |
|
فاعجل بغرب مثل غرب طارق |
ومسد أمر من أيانق |
|
ليس بأنياب ولا حقائق |
ولا ضعاف مخهن زاهق |
لعمارة بن طارق. يقول : إن سرك الاستسقاء حال كونك غير سائق للإبل التي يسقى عليها ، فأسرع إلى ماء بئر بدلو عظيمة مثل دلو طارق أبى. وبحبل أمر : بالبناء للمجهول ، أى : فتل فتلا شديدا. من أيافق ، أى : من أوبارها ، أو من جلودها. والأيانق : جمع أينق. والأينق : جمع نوق والنوق : جمع ناقة ، ليس ذلك الحبل أنيابا ، أى ، نوقا مسنة ، ولا حقائق : أى فتيات ، ولا ضعافا : أى ليس من هذه الأنواع التي تساق بمشقة ففي هذا التنويع تتغير عنها. ويروى : لسن ، أى : النوق التي يفتل منها. والأشبه : أن حق الرواية مع أيانق ، أى : أعجل بحبل مفتول من الليف الأبيض. ونوق شداد : لا تحتاج إلى السوق. ومخهن زاهق : قال الفراء : هو مرفوع ، والشعر مكفا. يقول : بل مخهن مكتنز سمين على الابتداء ، وهذا مما يؤيد رواية : لسن بالنوق. وقال غيره : الزاهق هنا الذاهب ، وهو مجرور بالعطف ، أى : ولا ضعاف مخهن. وزاهق بالجر ردا على ضعاف ، فكأنه رفع مخهن بضعاف.
(٢) قوله «من المواهن لتمتعض» جمع ماهن وهي الخادم. والامتعاض : الغضب. أفاده الصحاح. (ع)
(٣) هو تعبير الفضل بن العباس بن عتبة بن أبى لهب. وحمالة الحطب : زوجة أبى لهب ، فهي جدته. والغراء البيضاء. والشادخة : المتسعة ، وذلك مجاز عن الظهور وارتفاع المقدار. والسليلة من سل من غيره ، والمراد بالشيخ : أبوها حرب ، لأنها أم جميل أخت أبى سفيان بن حرب ، كانت عوراء ، وماتت مخنوقة بحبلها الذي كانت تحمل فيه الحطب. وقيل : حمل الحطب مجاز عن إثارة الفتنة ، لأنها كانت نمامة. وإلى شتمي : متعلق بمحذوف أو بأردت على طريق التضمين ، أى : أى شيء أردته مائلا أنت إلى شتمي ، أو منضما هو إلى شتمي. أو ما الذي أردته من شتمي أو مع شتمي؟ هل أردت أنك شريف لا عيب فيك. ويحوز أن إلى بمعنى من كما قال النحاة ، واشتشهدوا عليه بقوله :
تقول وقد عاليت بالكور فوقها |
|
السقي فلا يروى إلى ابن أحمرا |
ويمكن أنها للمصاحبة ، كما قالوه أيضا في قوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) وتعير : أصله تتعير ، فحذف منه إحدى التائين. أما تتعير من جدتك التمامة لا ينبغي عدم ذلك. وروى : ثاقب الحسب. والمعنى : أن حسبه أصيل ، فكأنه داخل في أجداد السابقين «أو سائر بين الناس ، وذمها الآن مع رفعة شأنها فيما كان : أشد في الامتهان.