ودعمت بالايمان الغليظة المؤكدة.
٣ ـ ان الرشيد قد استقبله باديء ذي بدء بالأكرام ظاهريا ، وبالعفو أمام الآخرين ، وقد رحب به ودفع له مائتي ألف دينار فأخذها ، ووفي بها دينا للحسين صاحب فخ ، ولكن الرشيد كان يدبر له المكيدة ويحكم الخطة لقتله أو اغتياله ، فبدأ بسجنه ، وعاوده مرارا بالاستجواب ، وساءله عن أسماء أصحابه وأعيانهم ، فأبي عليه يحيي ذلك ، لأنه علم يقينا أنه سيقتلهم ، فلا أمان لأهل الغدر والبهتان.
٤ ـ يبدو أن طبقة من أهل المكر والخيانة ، وممن يتقرب الي السلطان بالدماء ، قد ائتمروا فيها بينهم للسعاية بيحيي ، فغادروا الحجاز ، ووصلوا بغداد ، واحتالوا بالوصول الي الرشيد فنالوا من يحيي ، فأمر الرشيد بحبسه عند مسرور الكبير في سجن المطبق.
٥ ـ وكان الذي تولي كبر الافتراء عليه هو عبدالله بن مصعب الزبيري ، فاتهمه بأنه دعاه الي الخروج معه علي الرشيد ، فأنكر يحيي ذلك ، وجرت بينهما أيمان قاتلة ، انتهت بالانتقام من الزبيري عاجلا.
٦ ـ وقد استدعي الرشيد جمهرة من الفقهاء الرسميين وعرض عليهم الأمان ، فأبي اثنان منهم الطعن فيه ، وتجرأ أبوالبختري القرشي علي الطعن ولم يعده أمانا ، فخرق الأمان ، وقطعه بسكين سيورا ، فأجازه الرشيد علي ذلك بأعطية ضخمة ، وحرم محمد بن الحسين الشيباني من القضاء والافتاء مدة طويلة ، مما يؤكد أن الرشيد كان يسخر الفقهاء لارادته ورغبته ، فمن أبي عليه ذلك أبعده فورا.
٧ ـ وفي خاتمة المطاف رأينا الرشيد عازما علي التخلص من يحيي ، فيضربه ضربا مبرحا ، ويحيي يناشده الله والرحم والقرابة من رسول الله (صلي الله عليه وآله) فلا يستجيب الرشيد لشيء ، حتي أجهز عليه جوعا وعطشا ، وقيل سما ،