ولا أدل علي صحة هذا القول وواقعه من شهادة هارون الرشيد في حق الامام ، وهو يشير اليه فيما قاله لولده المأمون :
«يا بني؛ هذا وارث علم النبيين ، هذا موسي بن جعفر بن محمد ، ان أردت العلم الصحيح فعند هذا» (١).
وكان من العلم الصحيح الذي أشار اليه الرشيد ، أن الامام (عليهالسلام) يؤكد علي الكتاب والسنة فيما يتلقي من العلم ، ويدرأ الرأي والقياس في الافتاء ، فعن سماعة عنه (عليهالسلام) قال : وسألته فقلت : ان أناسا من أصحابنا قد لقوا أباك وجدك ، وسمعوا منهما الحديث ، فربما كان شيء يبتلي به بعض أصحابنا ، وليس في ذلك عندهم شيء يفتيه ، وعندهم ما يشبهه ، يسعهم أن يأخذوا بالقياس؟
فقال : لا ، انما هلك من كان قبلكم بالقياس.
فقلت له : لم لا يقبل ذلك؟
فقال : لأنه ليس من شيء الا وجاء في الكتاب والسنة» (٢).
واتساع السنة ، واستيعاب الكتاب كما يدور في الابتلاء العملي أو النظري للأمة ، مما لا شك فيه ، نعم قد يجهله من يجهل ، وقد يعلمه من يعلم ، وانما علم الكتاب والسنة عند أهله.
وقد أكد الامام هذا الملحظ في حديث آخر قال في آخره :
«... أتي رسول الله الناس بما استغنوا به في عهده ، وبما يكتفون به من بعده الي يوم القيامة».
فقلت له : فضاع منه شيء؟ فقال : لا ، هو عند أهله» (٣).
وهو بهذا يشير الي وراثته لهذا العلم الذي انضوي عليه صدره. وبهذا
__________________
(١) ابن شهر آشوب / المناقب ٣ / ٤٢٦.
(٢) الشيخ المفيد / الاختصاص / ٢٨١.
(٣) المصدر نفسه / ٢٨٢.