المزاعم الغالية ، ولكنه فوق مدرسة الكسب والتعلم التقليدي ، وحقيقته نابعة فيما آتاه الله عباده المقربين في ضوء قوله (تعالي) ـ فيما اقتص من خبر موسي (عليهالسلام) مع العالم الذي قد يعرف بالخضر ـ (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما) (١) فهو علم لدني يهبه الله لمن يشاء من عباده الصديقين ، وكان أئمة أهل البيت (عليهمالسلام) من أبرز مصاديق هؤلاء العباد.
وهذا ما يفسر لنا قول الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) :
«مبلغ علمنا علي ثلاثة وجوه : ماض ، وغابر ، وحادث ، فأما الماضي فمفسر ، وأما الغابر فمزبور ، وأما الحادث فقذف في القلوب ونقر في الأسماع» (٢).
وليس ما تحدث عنه الامام في الوجه الثالث وهو العلم الحادث ، من العلم بالغيب اختصاصا ، ولكنه من علم الغيب افاضة أو اخبارا ، فعلم الغيب بحد ذاته مما يختص به الله وحده ، وهو بوصفه مما يختص به الله غيره باعتباره حالة ممكنة يخص بها الله من يشاء من رسله وأصفيائه ضمن قوله (تعالي) :
(عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحدا ـ الا من ارتضي من رسول ..) (٣).
وهذا ليس من قبيل الوحي ، ولكنه يتأتي بوسائط تحدث عنها الامام ، فالقذف في القلوب ، والنقر في الأسماع ، والالهام اليقيني الخالص ، كل أولئك من مفردات هذا العلم.
فعن علي بن يقطين ، قال : قلت لأبيالحسن موسي (عليهالسلام) :
«علم عالمكم؛ سماع أم الهام؟
__________________
(١) سورة الكهف / ٦٥.
(٢) الكليني / الكافي ١ / ٢٦٤.
(٣) سورة الجن / ٢٦ ـ ٢٧.