الي الحق ، فيقول :
«اتق الله وقل الحق وان كان فيه هلاكك ، فان فيه نجاتك. اتق الله ودع الباطل وان كان فيه نجاتك ، فان فيه هلاكك ، اياك أن تمنع في طاعة الله فتنفق مثليه في معصية الله. المؤمن مثل كفتي ميزان كلما زيد في ايمانه زيد في بلائه» (١).
وكان من أروع ما تحدث به الامام بيانا ودلالة واستقطابا تلك النفحات الندية العطرة التي تختلج في جوانحه الحري ، وهي تسترعي مشاعر الانسان نحو أخيه الانسان ، وسعي المؤمن في قضاء حاجة أخيه المؤمن ، ووقوف الأخ جنب أخيه في الله لدي الشدائد ، ومتابعة الاحسان ، ذلك كله في توجيهات رائعة المساس بصلب حياة الناس وتفجير طاقاتهم ، واعادة جزء من حقوقهم اليهم ، مما أتاحه الله علي أيدي الساعين الي الخير. قال الامام : «ان لله عبادا في الأرض يسعون في قضاء حوائج الناس ، هم الآمنون يوم القيامة ، ومن أدخل علي مؤمن سرورا أفرح الله قلبه يوم القيامة» (٢).
أين نحن اليوم من هذه الحياة الحرة الكريمة التي يدعو الامام الي الالمام بها؟ وأين هو السعي الحثيث لقضاء حوائج الناس؟ وأين أصحاب الجاه والمال والسلطان عن هذه المعاني التي تنبع من الضمير في تلبية النداء الانساني؟ وأين هم الراغبون بالأمن يوم القيامة؛ مساكين هؤلاء الذين تتاح لهم الفرص في اجراء المعروف وهم يتخلفون عنه ، وما الحياة الا اصطناع الخيرات ، والأيام دول ... ألا وازع من شعور واحساس بالنفع الاجتماعي؟ ألا عودة بالغرائز الي ما فيه خير الدنيا والآخرة؟ ألا اصلاح لدخائل هذا الكائن
__________________
(١) الأمين الحسيني العاملي / أعيان الشيعة : ٤ / أول / ٥٩.
(٢) الكافي / الكليني : ٢ / ١٩٧.