التائه فيلجأ الي موانيء الايثار والعمل الصالح؟
يخيل الي أن الناس هم الناس في الأثرة والأنانية ، يسعي أكثرهم الي الشر والمكر ، ويسعي القليل منهم الي الخير والمعروف ، وقليل أولئك الذين يعانون من أجل مصلحة الآخرين ، ولكنهم الآمنون يوم القيامة.
وهنالك حديث ذو اسناد عال يرويه العبد الصالح علي بن جعفر الصادق عن أخيه الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) فيه التحذير كل التحذير من التقصير في قضاء حاجة المسلم لأخيه المسلم ، وهو من مضامين الاختبار العملي لحقيقة ولاية أهل البيت ، وهو محك الاتصال بهذه الولاية والفوز بها ، والا فهو النهش في القبر من قبل أبشع ضروب الأفاعي حتي يوم القيامة.
يقول الامام : «من أتاه أخوه المؤمن في حاجة فانما هي رحمة من الله تبارك وتعالي ساقها اليه ، فان قبل ذلك فقد وصله بولايتنا ، وهو موصول بولاية الله تبارك وتعالي ، وان رده عن حاجته وهو يقدر علي قضائها سلط الله سليه شجاعا من نار ينهشه في قبره الي يوم القيامة مغفورا له أو معذبا ، فان عذره الطالب كان أسوأ حالا» (١).
وكان الامام شديد الوطأة علي الرافضين لاصطناع هذا المعروف المفترض ، فهو ينذر ويحذر ، وهو ينبيء ويخبر ، عسي أن تتسع ذهنية أهل الحول والطول والفاعلية لاستقبال هذا التوجيه والتسديد. قال الامام : «من قصد اليه رجل من اخوانه مستجيرا به في بعض أحواله فلم يجره وهو قادر ، فقد قطع ولاية الله عزوجل» (٢).
ولم ينس الامام أن يتعاهد الناس بضروب التوجيه نحو الخير بكل طرقه ووسائله وأساليبه ، وهو يريد للمسلم أن يتسم بالرجولة والاستقلالية
__________________
(١) الشيخ المفيد / الاختصاص / ٢٥٠.
(٢) الكليني / الكافي ٢ / ٣٦٦.