والقرار ، وأن لا يعيش ذنبا أو تبعا ، وأن لا يري مذبذبا لا الي هؤلاء ولا الي هؤلاء فالانسان موقف ، والموقف سمة ذوي الادراك العقلي في التمييز الدقيق بين الحق والباطل ، وافراز الخير عن الشر ، في رؤية مركزية.
فعن الفضيل بن يونس الكاتب ، قال : قال لي أبوالحسن موسي بن جعفر بن محمد (عليهالسلام) :
«أبلغ خيرا ، وقل خيرا ، ولا تكونن امعة».
قلت : وما الأمعة؟
قال الامام : تقول أنا مع الناس ، وأنا كواحد من الناس. ان رسول الله (صلي الله عليه وآله) ، قال :
«يا أيها الناس ، انهما نجدان ، نجد خير ونجد شر ، فما بال نجد الشر أحب اليكم من نجد الخير» (١).
ولقائل أن يقول ما علاقة هذا كله بسيرورة علم الامام ، وقد يكون الاعتراض وجيها ، الا أن نظرة فاحصة في المثل العليا التي يدعو اليها العلم ، تفترض أن هذه الانسانيات الصارخة من أهم أهداف ذلك العلم الذي يدعو (صفحه ٨٣) الي الحب والاخاء والسلام والمواساة ، وهو ما رأيته في هذا الطرح ، وكان استقبال النخبة الواعية لهذه المعطيات الخيرة سبيلا رائعا الي انتشار علم الامام في الآفاق ، وهذا ما يؤكد عليه الامام الرضا نجل الامام موسي بن جعفر (عليهماالسلام) ، قال الامام الرضا : «رحم الله عبدا أحيا أمرنا؛ فقيل له : وكيف يحيي أمركم؟ قال : يتعلم علومنا ويعلمها الناس ، فان الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا» (٢).
أليس ما قدمناه من محاسن الكلام؟ أليس كلامهم جزءا من علومهم؟
__________________
(١) الشيخ المفيد / الاختصاص / ٣٤٣.
(٢) الصدوق / عيون أخبار الرضا ١ / ٣٠٧.