ليست من صلب المطلب الذي حرر الكتاب لأجله ، ولكنها ذات مساس بصاحب الرسالة فيما يتعلق بوهم فكري قد سقط فيه ، أو شأن دنيوي قد جهله أو غفل عما ينطوي عليه من نتائج غير محمودة العاقبة ...» (١).
وهنالك آثار تدل علي هذا الملحظ بالاشارة الي تنبيهات خارجة عن الموضوع داخلة فيه ، فهي غيره وهي امتداد له (٢) والذي يعنينا هذا الزخم الهائل من الاجابات التي تندفع بدقة وامعان لتعيد الي الذهن ما رآه السيد أمير علي الهندي عندما تحدث عن مدي الخسارة الكبري التي مني بها العالم الاسلامي بوفاة الامام جعفر الصادق (عليهالسلام) ، ولكنه استثني بقوله :
«غير أن الحلقة العلمية ـ لحسن الطالع ـ لم تتوقف بوفاته ، اذ طفقت تزدهر برئاسة ابنه موسي ، الملقب بالكاظم».
لقد كان هذا الازدهار علي يد الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) حقيقة علمية لا فرضية اعلامية ، فعلي الرغم من كل المعوقات الجامحة التي مني بها عصره ، وفي ظل جميع الافرازات السياسية المضنية ، رأينا عطاء الامام حثيثا في شموليته ، (صفحه ٨٥) مشرقا في انسانيته ، متوسعا في ترامي أطرافه. وكان من التوفيق الالهي واللمح الغيبي المتواصل أن نشأ في ظل الامام ورعايته جيل عتيد من أعاظم تلامذته وطلابه في مرافقتهم اياه وملازمتهم له ، فهم قد انتهلوا من نمير علمه العذب ، وهم أيضا قد بادروا الي تسجيل ذلك في الآثار ، مما أوجد حالة علمية تحدوها الرغبة الملحة في اشاعة المعرفة الانسانية ، وتدفعهم النيات الخالصة الي تعميق ما حصلوا عليه من الثقافية التشريعية النقية ، وتواكبهم الآمال المشرقة في تحصيل المعارف الاسلامية الجوهرية ، وكان هذا الترويض قد حرمهم كثيرا من الامتيازات والحقوق في
__________________
(١) محمدحسن آلياسين / الامام موسي بن جعفر / ١٢٠.
(٢) ظ : تحف العقول / ٣٠٥ ، الارشاد للمفيد / ٣٢٩ ، البحار ٤٨ / ١٣٧ ـ ١٣٨.