فرجع عبد الله ساقطا مكتئبا ، فقال له أخوه الحسن بن الحسن : ما لي أراك مكتئبا؟ فأخبره ، فقال : هل أنت فاعل ما أقول لك؟ قال : ما هو؟ قال : إذا سألك عنهما فقل: عمهما حسن أعلم الناس بهما [فقال له عبد الله](١) وهل أنت محتمل ذلك لي؟ قال : نعم.
فدخل عبد الله على أبي العباس كما كان يفعل ، فردّ عليه ذكر ابنيه ، فقال له عمهما : يا أمير المؤمنين أعلم الناس بهما فاسأله عنهما ، فصمت عنه حتى افترقا ، ثم أرسل إلى الحسن فقص عليه ذلك ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أكلمك على هيبة الخلافة ، أو كما يكلم الرجل ابن عمّه؟.
قال : بل كما يكلم الرجل ابن عمه ، فإنك وأخاك عندي بكل منزلة.
قال : إني أعلم أن الذي هاج لك ذكرهما بعض ما قد بلغك عنهما ، فأنشدك الله هل تظن أن الله إن كان قد كتب في سابق علمه أن محمدا وإبراهيم وال (٢) من هذا الأمر شيئا ، ثم أجلب أهل السماوات والأرض بأجمعهم على أن يردوا شيئا مما كتب الله لمحمد وإبراهيم أكانوا رادّيه؟ وإن لم يكن كتب لمحمد ذلك أنهم حائزون إليه شيئا منه؟.
فقال : لا والله ، ما هو كائن إلّا ما كتب الله.
فقال : يا أمير المؤمنين ففيم تنغيصك على هذا الشيخ نعمتك التي أوليته وإيّانا معه؟.
قال : فلست بعارض لذكرهما بعد مجلسي هذا ما بقيت ، إلّا أن يهيجني شيء فأذكره. فقطع ذكرهما ، وانصرف عبد الله إلى المدينة.
* * *
أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدّثنا يحيى بن الحسن بن جعفر ، قال : حدّثني علي بن أحمد الباهلي ، قال : سمعت مصعب بن عبد الله
__________________
(١) الزيادة من تاريخ بغداد ٧ / ١٩٤.
(٢) في تاريخ بغداد «إن قدر الله لمحمد وإبراهيم أن يليا من هذا الأمر شيئا فجهدت وجهد أهل الأرض معك أن يردوا ما قدر لهما أتردونه قال : لا. قال فأنشدك الله إن كان لم يقدر لهما أن يليا من هذا الأمر شيئا فاجتمعا واجتمع أهل الأرض معهما على أن ينالا ما لم يقدر لهما ، أينا لأنه؟ قال لا».