وكان أهل بيته يسمونه المهدي ، ويقدرون أنه الذي جاءت فيه الرواية.
وكان علماء آل أبي طالب يرون فيه أنه النفس الزكية (١) ، وأنه المقتول بأحجار الزيت.
* * *
وكان من أفضل أهل بيته ، وأكبر أهل زمانه في زمانه ، في علمه بكتاب الله ، وحفظه له ، وفقهه في الدين ، وشجاعته ، وجوده ، وبأسه ، وكل أمر يجمل بمثله ، حتى لم يشك أحد أنه المهدي ، وشاع ذلك له في العامة ؛ وبايعه رجال من بني هاشم جميعا ، من آل أبي طالب ، وآل العباس ، وساير بني هاشم ؛ ثم ظهر من جعفر بن محمد قول في أنه لا يملك ، وأن الملك يكون في بني العباس ، فانتبهوا من ذلك لأمر لم يكونوا يطمعون فيه.
وخرجت دعاة بني هاشم إلى النواحي عند مقتل الوليد بن يزيد ، واختلاف كلمة بني مروان ، فكان أول ما يظهرونه فضل علي بن أبي طالب وولده ، وما لحقهم من القتل والخوف والتشريد ، فإذا استتب لهم الأمر ادعى كل فريق منهم الوصية لمن يدعو إليه. فلما ظهرت الدعوة لبني العباس وملكوا ، حرص السّفاح ، والمنصور على الظفر بمحمد وإبراهيم(٢) لما في أعناقهم من البيعة لمحمد ؛ وتواريات فلم يزالا ينتقلان في الاستتار ، والطلب يزعجهما من ناحية إلى أخرى ، حتى ظهرا فقتلا ، صلوات الله عليهما ورضوانه!
* * *
قال أبو الفرج الأصبهاني :
وأنا أذكر من ذلك طرفا يتسق به خبرهما دون الإطالة لسائر ما عندي من ذلك ، إذ كان هذا كتابا مختصرا قريب المأخذ ، وكان شرح جميع ما روى في ذلك ـ على كثرته ـ يطول به الكتاب.
* * *
__________________
(١) في مروج الذهب ٢ / ١٦٩ «كان يدعى النفس الزكية لزهده ونسكه».
(٢) في ق «لمحمد وإبراهيم».