لم أكن من جناتها علم الله وإني بحرها اليوم صالي (١).
قال يحيى بن الحسن : فسمعت إبراهيم بن يوسف يقول :
كان محمد بن جعفر قد أصاب أحد عينيه شيء فأثر فيها ، فسر بذلك وقال : لأرجو أن أكون المهدي القائم : قد بلغني أن في إحدى عينيه شيئا ، وأنه يدخل في هذا الأمر وهو كاره له.
قال أبو الفرج :
أخبرنا أحمد بن عبيد الله بن عمّار ، قال : حدثنا محمد بن علي المدائني ، قال : حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري ، قال سمعت محمد بن جعفر يقول :
شكوت إلى مالك بن أنس ما نحن فيه وما نلقى ، فقال : اصبر حتى يجيء تأويل هذه الآية : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِين)(٢).
أخبرني أحمد بن عبيد الله ، عن علي بن محمد النوفلي عن أبيه ، وأخبرني علي بن الحسين بن علي بن حمزة العلوي ، عن محمد ، عن عمه.
أن جماعة من الطالبيين اجتمعوا مع محمد بن جعفر ، فقاتلوا هارون بن المسيّب (٣) بمكة قتالا شديدا ، وفيهم : الحسين بن الحسن الأفطس ، ومحمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن ، ومحمد بن الحسن المعروف بالسّيلق ، وعلي بن الحسين بن عيسى بن زيد ، وعلي بن الحسين بن زيد ، وعلي بن جعفر بن محمد ، فقتلوا من أصحابه مقتلة عظيمة ، وطعنه خصي كان مع محمد بن جعفر فصرعه.
وكر أصحابه فتخلصوه ثم رجعوا فأقاموا بثبير في جبله مدة ، وأرسل هارون إلى محمد بن جعفر ، وبعث إليه ابن أخيه علي بن موسى الرضا ، فلم يصغ إلى رسالته ، وأقام على الحرب.
ثم وجه إليه هارون خيلا فحاصرته في موضعه ، لأنه كان موضعا حصينا لا يوصل إليه ، فلما بقوا في الموضع ثلاثا ونفد زادهم وماؤهم ، جعل أصحابه يتفرقون ويتسللون يمينا وشمالا ، فلما رأى ذلك لبس بردا ونعلا ، وصار إلى مضرب هارون
__________________
(١) البيت للحارث بن عباد كما في ابن الأثير ١ / ٣٢٢.
(٢) سورة القصص ٥.
(٣) الطبري ١٠ / ٢٣٤.