ذكر أيام المتوكل جعفر بن محمد المعتصم
ابن هارون الرشيد ، ومن ظهر فيها فقتل
أو حبس من آل أبي طالب عليهم السلام
وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب ، غليظا على جماعتهم مهتما بأمورهم(١) شديد الغيظ والحقد عليهم ، وسوء الظن والتهمة لهم ، واتفق له أن عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزيره (٢) يسيء الرأي فيهم ، فحسن له القبيح في معاملتهم ، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله ، وكان من ذلك أن كرب (٣) قبر الحسين وعفّى آثاره ؛ ووضع على سائر الطرق مسالح له لا يجدون أحدا زاره إلّا أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة (٤).
فحدثني أحمد بن الجعد الوشاء ، وقد شاهد ذلك ، قال :
كان السبب في كرب قبر الحسين أن بعض المغنيات كانت تبعث بجواريها إليه قبل الخلافة يغنين له إذا شرب ، فلما وليها بعث إلى تلك المغنية فعرف أنها غائبة ، وكانت قد زارت قبر الحسين ، وبلغها خبره ، فأسرعت الرجوع ، وبعثت إليه بجارية من جواريها كان يألفها ، فقال لها : أين كنتم؟ قالت : خرجت مولاتي إلى الحج وأخرجتنا معها ، وكان ذلك في شعبان. فقال : إلى أين حججتم في شعبان؟ قالت : إلى قبر الحسين ، فاستطير غضبا ، وأمر بمولاتها فحبست ، واستصفى أملاكها ، وبعث برجل من أصحابه يقال له : الديزج ، وكان يهوديا فأسلم ، إلى قبر
__________________
(١) في ط وق «مهتما بأمورهم بسوء الرأي».
(٢) في ط وق «واتفق له أن الفتح عبد الله ... وزيره بسر من رأى سيئ الرأي».
(٣) في القاموس : «الكرب : إثارة الأرض للزرع».
(٤) الفخري ٢١٣ وأبو الفداء ٢ / ٤٠ وابن الأثير ٧ / ١٩ ـ ٢٠.