يقول : (قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً)(١) فطلبت أيّ الكفّار أضرّ على الإسلام ، وأقرب من موضعي ، فلم أجد أضر على الإسلام منك ، لأن الكفار أظهروا كفرهم ، فاستبصر الناس في أمرهم ، وعرفوهم فخافوهم.
وأنت ختلت المسلمين بالإسلام ، وأسررت الكفر ، فقتلت بالظنّة ، وعاقبت بالتهمة ، وأخذت المال من غير حله فأنفقته في غير حله ، وشربت الخمر المحرمة صراحا ، وأنفقت مال الله على الملهّين وأعطيته المغنين ، ومنعته من حقوق المسلمين ، فغششت بالإسلام ، وأحطت بأقطاره إحاطة أهله ، وحكمت فيه للمشرك ، وخالفت الله ورسوله في ذلك خلافة المضاد المعاند ، فإن يسعدني الدهر ، ويعني الله عليك بأنصار الحق ، أبذل نفسي في جهادك بذلا يرضيه مني ، وإن يمهلك ويؤخرك ليجزيك بما تستحقه في منقلبك ، أو تخرتمني الأيام قبل ذلك فحسبي من سعي ما يعلمه الله عزّ وجلّ من نيتي ، والسلام.
* * *
ولم يزل عبد الله متواريا إلى أن مات في أيام المتوكل.
فحدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثني يحيى بن الحسن ، قال : حدثنا اسماعيل بن يعقوب ، قال : سمعت محمد بن سليمان الزينبي (٢) يقول :
نعى عبد الله بن موسى إلى المتوكل صبح أربع عشرة ليلة من يوم مات ، ونعى له أحمد بن عيسى فاغتبط بوفاتهما وسر ، وكان يخافهما خوفا شديدا ويحذر حركتهما ، لما يعلمه من فضلهما ، واستنصار الشيعة الزيدية بهما وطاعتها لهما لو أرادوا الخروج عليه ، فلما ماتا أمن واطمأن ، فما لبث بعدهما إلّا أسبوعا حتى قتل.
* * *
وكان عبد الله بن موسى يقول شيئا من الشعر.
أنشدني أحمد بن سعيد ، قال : أنشدنا يحيى بن الحسن ، قال : أنشدني إسماعيل بن يعقوب لعبد الله بن موسى :
وإني لمرتاد جوادي وقاذف |
|
به وبنفسي العام إحدى المقاذف(٣) |
__________________
(١) سورة التوبة ١٢٣.
(٢) في ط وق «محمد بن سليمان الرسي».
(٣) الشعر في الأغاني ١٠ / ١٦٠.