البحرية (١) وكان على خراج تلك الناحية أحمد بن علي الاسكافي وعلى حربها أحمد بن الفرج الفزاري ، فحصل أحمد بن علي مال الخراج وهرب به ، وثبت ابن الفرج فناوش يحيى مناوشة يسيرة وولى عنه بعد ذلك ، ومضى يحيى لوجهه يريد الكوفة فعارضه المعروف بوجه الفلس فقاتله قتالا شديدا ، فانهزم عن يحيى فلم يتبعه.
ومضى وجه الفلس لوجهه حتى نزل شاهي ، فصادف فيها الحسين بن اسماعيل فأقام بشاهي (٢) ، وأراحا وشربا الماء العذب وقويت عساكرهم وخيلهم (٣).
وأشار أصحاب يحيى عليه بمعاجلة الحسين بن اسماعيل ، وكان معهم رجل يعرف بالهيضم بن العلاء العجلي فوافى يحيى في عدة من أهله وعشيرته ، وقد تعبت خيلهم ورجا لهم فصاروا في عسكره فحين التقوا كان أول ما انهزم الهيضم [هذا].
وذكر قوم أن الحسين بن إسماعيل كان راسله في هذا وأجمعا رأيهما عليه.
وقال قوم : بل انهزم للتعب الذي لحقه.
حدثني علي بن سليمان الكوفي ، قال : حدثني أبي قال :
اجتمعت أنا والهيضم يوما فتذاكرنا أمر يحيى فحلف بالطلاق الثلاث أنه لم يكن له في الهزيمة صنع ، وإنما كان يحيى رجلا نزقا في الحرب ، فكان يحمل وحده
__________________
(١) في الطبري «وهي قرية بينها وبين قسين خمس فراسخ ولو شاء الحسين أن يلحقه لحقه».
(٢) في الطبري بعد ذلك «فعسكر بها. ودخل يحيى بن عمر الكوفة ، واجتمعت إليه الزيدية ، ودعا إلى الرضى من آل محمد ، وكشف أمره ، واجتمعت إليه جماعة من الناس وأحبوه ، وتولاه العامة من أهل بغداد ، ولا يعلم أنهم تولوا من أهل بيته غيره ، وبايعه بالكوفة جماعة لهم بصائر وتدبير في تشيعهم ، ودخل فيهم أخلاط لا ديانة لهم ...».
(٣) في الطبري بعد ذلك «وأقام يحيى بن عمر بالكوفة يعد العدد ، ويطبع السيوف ويعرض الرجال ، يجمع السلاح ، وأن جماعة من الزيدية ممن لا علم بالحرب أشاروا على يحيى بمعاجلة الحسين ، وألحت عليه عوام أصحابه بمثل ذلك فزحف إليه من ظهر الكوفة من وراء الخندق ليلة الاثنين لثلاث عشرة خلت من رجب ، ومعه الهيضم العجلي في فرسان من بني عجل وأناس من بني أسد ، ورجالة من أهل الكوفة ليسوا بذوي علم ولا تدبير ولا شجاعة ، فأسروا ليلتهم ، ثم صبحوا حسينا وأصحابه ، وأصحاب حسين مستريحون مستعدون ، فثاروا إليهم في الغلس ساعة ، ثم حمل عليهم أصحاب الحسين فانهزموا ووضع فيهم السيف ، فكان أول أسير الهيضم بن العلاء بن جهور العجلي ، فانهزم رجالة أهل الكوفة وأكثرهم عزل بغير سلاح ضعفي القوى خلقان الثياب ، فداستهم الخيل ، وانكشف العسكر عن يحيى بن عمر ...».